وأضعف مَن مارس صنعة الحديث يعرف أن القرادسة ((أزديون)) كما نص عليه أبو أحمد الحاكم الكبير ونقله المزي في تهذيب الكمال (7/ 397 الترجمة 7167 ط 98)، ولم يذكر الحافظ المزي في ترجمته (4/ 111 الترجمة 3212 ط 98) ذِكْر ابن حبان له في " الثقات "، ولا الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (5/ 186)، ولا فيما استدركه مغلطاي ولا الذهبي في تذهيب تهذيب الكمال؛ مع حرصهم جميعاً على مثل هذا.
ولكنها آفة التقليد الأعمى، وأواهٍ منه، انتقلت إليهما من هامش تهذيب الكمال (4/ 112 ط 98)، وهما سلخاها من تعليق الشيخ محمد عوّامة على الكاشف (1/ 545 الترجمة 2683) فالشيخ قد قال ذلك – ولم يجزم به – أما هما فقد جزما به خطأً والذي يؤكد خطأهما ويقطع كل شك باليقين أن الإمام البخاري – وهو سيد الحفاظ وعلم الجهابذة وفارس هذا الميدان - في تاريخه الكبير (5/ 73) فرق بينهما فذكر العنبري برقم (190) وذكر القردوسي برقم (192).
فليت شعري … أَمَن يتصدى للتعقب والاستدراك والكلام في الرجال وتخطئة الحفاظ يكون بهذا المستوى المتواضع وهذا المستوى من عدم التحرير والتدقيق؟ فلا يكلف نفسه نظرة لن تأخذ من وقته أكثر من ثوانٍ في ثقات ابن حبان ليعلم صواب قوله من عدمه؟.
المحور الثالث: قولهما: ((لا يعلم فيه جرح)). تسرع لا يغتفر، أو جهل لا يحسن الجزم به من قبلهما، وهما يدققان أقوال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – فهذا الراوي تكلم فيه حافظ المغرب ابن القطان الفاسي في سفره العظيم " بيان الوهم والإيهام " (5/ 92 عقيب 2337) فقال: ((والراوي لهذه القصة عن دحيبة وصفية. وهو عبد الله بن حسان العنبري – هو أيضاً غير معروف الحال وهما جدتاه (كذا). وكنيته أبو الجنيد، وهو تميمي. ولا أعلم أنه من أهل العلم، وإنما كان عنده هذا الحديث عن جدتيه فأخذه الناس عنه)).
وقال (5/ 146 عقيب 2388): ((وعبد الله بن حسان أيضاً هو كذلك أعني من المجاهيل الأحوال، الذين لا علم عندهم يعرف. . . ومع ذلك لا تعرف حاله)).
المحور الرابع: لقائل أن يقول: إن كان هذا الراوي خالياً عن التعديل مغموراً جهله ابن القطان فكيف ساغ لابن حجر أن يقول فيه: ((مقبول))؟
نقول له: إنما قال فيه ابن حجر مقبول؛ لأن جمعاً قد رووا عنه كما في تهذيب الكمال (4/ 111 الترجمة 3212 ط 98).
وذكر منهم اثنا عشر راوياً، وهذا كما قدمناه كاف في رفع الجهالة لا في توثيقه أضف إلى ذلك أن إمام النقاد الحافظ الذهبي قال عنه في الكاشف (1/ 545 الترجمة 2683): ((ثقة)) فلذا رفعه إلى درجة المقبول. والمقبول عند الحافظ ابن حجر مطالب بالمتابع، وإلا كان ليّن الحديث، كما في مقدمته للتقريب (1/ 24 طبعة مصطفى عبد القادر).
أفهكذا يكون التحرير؟
ولا يسعنا إلا أن ننقل لهما قول الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ (1/ 4) إذ قال كلاماً ملؤه النفاسة فاسمع له وهو يقول: ((فان آنست يا هذا من نفسك فهماً وصدقاً وديناً وورعاً وإلا فلا تتعن، وإن غلب عليك الهوى والعصبية لرأي ولمذهب فبالله لا تتعب، وإن عرفت أنك مخلط مخبط مهمل لحدود الله فأرحنا منك فبعد قليل ينكشف البهرج وينكب الزغل ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فقد نصحتك، فعلم الحديث صلف، فأين علم الحديث؟ وأين أهله؟ كدت أن لا أراهم إلا في كتاب أو تحت تراب)).
والله الموفق للسداد والصواب.
ـ[ماهر]ــــــــ[02 - 09 - 02, 03:10 م]ـ
330 - (3141 تحرير) عَباد بن ليث الكرابيسي، أبو الحسن البصري: صدوق يخطئ، من التاسعة. ت س ق.
تعقباه بقولهما: ((بل: ضعيف، ضعفه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والعقيلي، والنسائي، وابن حبان. وقال الترمذي عقب الحديث الواحد الذي أخرجه له هو والنسائي وابن ماجه: غريب لا نعرفه إلا من حديث عباد بن ليث)).
وقالا في الحاشية: ((في المطبوع من جامع الترمذي: ((حسن غريب)) (1216)، وما أثبتناه نقله المزي عنه في " تهذيب الكمال " وهو الأصح إن شاء الله)).
? قلنا: لنا عليهما في تعقبهما هذا أربعة أمور:
الأول: نقلا عن أحمد وابن معين التضعيف مطلقاً،وإنما قال يحيى بن معين: ((ليس بشيء)) كما نقله عبد الله بن أحمد عنه (العلل ومعرفة الرجال 2/ 114 رقم 691) ومن طريقه نقله ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 6/ 85 الترجمة 435)، وهذه العبارة يستخدمها ابن معين فيمن قل حديثه، والحال هنا هكذا فالمترجم ليس له في الكتب الستة سوى حديث واحد بنص المزي (تهذيب الكمال 4/ 55 الترجمة 3080 ط 98)، وكذا قال أحمد: ليس بشيء. (تهذيب الكمال 4/ 55 الترجمة 3080 ط 98).
الثاني: أغفلا توثيق ابن معين. فقد نقل ابن الجوزي في الضعفاء (2 / الترجمة 1785) عن ابن معين أنه وثقه، وكذا نقله ابن حجر في تهذيبه (5/ 103).
الثالث: حكما على الترمذي بأنه قال غريب فقط، والصواب أنه قال: ((حسن غريب)) كما في جميع طبعات جامع الترمذي وتحفة الأحوذي وهو الذي نقله المزي في تحفة الأشراف (7/ 270 حديث 9848) وقال الذهبي في الكاشف (1/ 531 الترجمة 2574): ((حسن الترمذي له))، ونقل نص كلام الترمذي السبط في حاشيته على الكاشف.
الرابع: ليس للمترجم سوى حديث واحد في الكتب الستة، وهو عند ابن ماجه (2251)، والترمذي (1216)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (7/ 270 حديث 1355)، وهو حديث حسن؛ فقد تابعه أبو رجاء العطاردي عند الطبراني (18/ 10 – 11 حديث 15)، والبيهقي (5/ 327 – 328) وبهذا يُرد على ابن عدي إذ يقول في كامله (5/ 556 طبعة أبي سنة): ((عباد معروف بهذا الحديث ولا يرويه غيره)). ورده ابن حجر في تهذيب التهذيب (5/ 103) فقال: ((بل: رواه غيره أوضحت ذلك في تغليق التعليق)) والعجب الكبير قول الدكتور في تعليقه على سنن ابن ماجه (3/ 581): ((وبهذه الطرق حسنه أهل العلم منهم الترمذي وابن حجر)). (يراجع تغليق التعليق).
¥