تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وللعلم؛ فغالب تحقيقات المستشرقين في التحقيق هو إخراج النسخة الخطية مطبوعة كما كُتبت، بعجزها وبجرها لأن المقصود عندهم اخراج النسخة كما هي، وأما ما فيها من علم، فمسألة لا تعنيهم.

مثال الطرف الثاني:

أمثلة الطرف الثاني كثيرة، وتخصص فيه أناس، فتصرفوا هدانا الله وإياهم في نصوص النسخ كثيراً، ومنهم: الدكتور عبدالمعطي أمين قلعجي، وكمال يوسف الحوت.

ولعلّي أذكر مثالاً واحداً لمحقق فاضلٍ لبيان وجود هذه الصفة «التوسع في معالجة المخطوط» عند غير من اشتهر عنهم العبث بالتراث.

قال الإمام ابن القيم في: «مفتاح دار السعادة» (2/ 455): (والمشاحنة في الاصطلاحات لا تنفع طالب الحق).

وهو كلام واضح، ولكن محقق الكتاب الشيخ الحلبي وفقه الله حذف كلمة «مشاحنة»، ووضع مكانها كلمة: «المشاحّة»، وعلّق على ذلك في الحاشية رقم (1)، بقوله: (في الأصل: والمشاحنة!، ولعل الصواب ما أثبتُّ، فهذه الكلمة من مشاهير الكلمات المترددة في التواليف، والمصنفات .. ولكلمة «المشاحنة» وجْهٌ هنا، فلا أُنكرها». فتعجبت، وقلت: لما كان لها وجه، ولم ينكرها، فلماذا حذفها، وغيّر نص المصنِّف؟

وكان الأولى كتابتها كما هي، مادام انها محتملة، ولم ينكرها، ثم يعلق في الهامش بما يراه.

والغريب ان المحقق نفسه عمل عكس ذلك في الكتاب نفسه، فقد ترك الخطأ الوارد في الأصل كما هو، وهو خطأ يقيناً، حيث قال ابن القيم «مفتاح دار السعادة» (1/ 368):

«على ثلاث مسالك». فعلق على «ثلاث» في الحاشية رقم «3» بقوله: «كذا الأصل، والصواب: ثلاثة».

وكان الأولى تعديل هذا الخطأ في النص، ولا يُشار إلى مثل هذا، لسهولته، ولاحتمال ان يكون من عجلة الناسخ، وإن أشار فلا حرج، وهذا منهج له قيمته، ولكن أن يُبقي الخطأ كما هو مع اقراره بأنه خطأ، وفي الموضع الآخر يغير النص مع اقراره بأن ما حذفه له وجه؛ فهذا مزلق خطير، يسقط ثقة القارئ في المحقق ويطرح هذا النص بهذا التحقيق.

(تنبيه):

بعض المحققين إذا وجد جميع النسخ اتفقت على كلمة واحدة فإنه يثبتها، ولو كانت خطأ، ليقينه بأن هذا هو ما كتبه المصنف، وهذا هو رأيه، وترك هذه الكلمة كما هي من الأمانة العلمية في التحقيق، ليقف القارئ على علم المصنف، ورأيه، ثم يذكر المحقق ما يراه في الهامش.

وهذا توجّه احترمه، ولا سيما خروجه من بعض كبار المحققين نفعنا الله بهم.

ولكن من حقي وأنا أكتب في هذا الباب أن أدلي برأي، فأقول وبالله التوفيق: لعل الأقرب إثبات الصواب في المتن ولو أطبقت كل النسخ على خلافه والإشارة في الهامش على ما في النسخ، ثم ذكر الأدلة الكافية على التصحيح، فغالب القراء لا يصرفون للهامش أدنى تأمل، ولا سيما الهوامش الخاصة بفروق النسخ، وذكر ما اتفقت عليه النسخ في الهامش يحقق المصلحة التي ترى تعريف القارئ بعلم المصنف، ورأيه في المسألة.

وعلى كل حال لا أظن ان المُشَاحَّة في مثل هذا الاصطلاح المنهجي تجدي، ولا سيما أنَّ هذه الطريقة معروفة منذ القدم لدى العلماء، والنُّساخ، فقد جاء في حاشية مخطوط «منال الطالب» لابن الأثير هذه العبارة «قوله: (والياء في «يانع» للتسبيب)، وهم، وصوابه والله أعلم: «والباء» منقوطة بواحدة، لأنها لفظ الحديث: «وأبْعَثْ رَاعيِهَا في الدَّثْرِ بِيَانِعِ الثَّمَرِ» وهو تفسير قوله عليه السلام: «بِيَانِع»، ولم يقل أحد: الياء للتسبيب قط، ولم أر ان أصلحه، لأنه مقروء في هذه النسخة على مصنفه، وخطُّه عليها، وكان ينبغي ان تكون العبارة: «في بيانع الثمر». والله أعلم» أ. هـ

* «منال الطالب»، لابن الأثير ص «19»، حاشية (1) «

فانظر إلى هذا الفاضل غفر الله له يعلم ان ما هو مكتوب خطأ محض، وهو كذلك، ولما كانت هذه النسخة مقروءة على المصنف، وعليها خطه تهيب من تغيير الخطأ رغم قناعته بذلك وآثر كتابة حاشية على هذه العبارة في موضعها للتصحيح.

علماً بأن محقق الكتاب، وهو المحقق الكبير الطناحي رحمه الله غيَّر العبارة عند نسخه للكتاب إلى الصواب، وكتبها هكذا: (والباء في «بيانع» للتسبيب)، وعلَّق على ذلك بقوله: (في الأصل: (والياء في: «يانع»، وأصلحته كما ترى) أ. ه

مثال ذلك:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير