(1) حقق العلامة الدكتور عبدالرحمن العثيمين حفظه الله كتاب «طبقات الحنابلة»، وجاء في «1/ 255»: «إبراهيم بن الحجاج الشامي» فعلق في الحاشية بقوله: «باتفاق النسخ هكذا «الشامي» بالشين المعجمة، وكذلك هو في: «المنهج الأحمد»، وفي: «مختصر النابلسي «مصححان عنه. وفي مصدر المؤلف «تاريخ بغداد» «السامي»، بالسين المهملة، وهو الصحيح وإنما أبقيته لاتفاق النسخ المعتمدة عليه، فيظهر انه خطأ من المؤلف نفسه عفا الله عنه» أ. ه
هذان مثالان من عدة أمثلة وقفتُ عليها، أرى فيها المحقق يُبقي الخطأ ويثبته كما هو دون تغيير، إذ ثبت لديه أنه من المصنف نفسه، لا النساخ، ويجعل رأيه وهو الصواب يقينا في الهامش تعليقاً.
كل ذلك احتراماً للمصنف، وأداء لعلمه كما هو، وهي طريقة لا أنكرها، ولا سيما خروجها ممن عُرِفوا بدقة التحقيق، وممن تخرج على أيديهم الكثير من طلاب العلم الكبار، ولكني أتحفظ على هذه الطريقة.
والغريب انك تجد ان هؤلاء المحققين يتحفظون على تغيير بعض ما تيقنوا من خطئه، وفي مقابل ذلك تجد جرأة عجيبة عند غيرهم في التلاعب بنصوص النُّسخ، وتغيير كل ما أشكل عليهم، ولو لم يكن مشكلا عند غيرهم، ولو كان المصنف، ويضيفون على النص الخطي، دون الإشارة، وأحياناً يحذفون الصواب، ليثبتوا الخطأ محله، دفعاً للتصحيف الذي ظنوه.
كل ذلك يصير دون ضابط علمي، وكل محقق يجتهد حسب رأيه.
ومثال ذلك ما فعله الدكتور: عبدالمعطي قلعجي سامحه الله في تحقيقه ل «تاريخ الثقات» للعجلي، وقد نبه إلى ذلك الدكتور: عبدالعليم البستوي وفقه الله في مقدمة تحقيقه للكتاب نفسه.
بل وصل الأمر إلى ادراج ما يعرف المحقق بأنه ليس من كلام المصنف.
فقد حقق: الأستاذ: كمال يوسف الحوت سامحه الله كتاب: «ذيل التقييد»، وزاد في النص زيادات غريبة، وعلق في آخر احداها بقوله: (زيادة بخط الزبيدي شارح: «القاموس»).
فكما ترى:: الأمر جلي بالنسبة إليه، فهو يعلم بأن هذا النص ليس للمؤلف «الفاسي»، ومع ذلك تجرأ على وضعه ضمن النص.
ومما عمله في هذه الطبعة دمج زيادات سبط ابن حجر ناسخ المخطوط إلى نص الكتاب، ضمن كلام المصنف الفاسي، ولم ينبه إلى ذلك.
أخي القارئ:
كلنا يعرف المخطوطات، ويعرف ما يأتي فيها من حواش، وتعليقات للنساخ، والقراء، والمُلاك.
فهل تضاف هذه الحواشي والتعليقات إلى نص الكتاب؟
إن المحقق العاقل والعارف بعلم التحقيق، ينظر إلى هذه الحواشي والتعليقات، ويراجعها، ويستفيد منها، ولا شك في هذا.
أما النقل منها، فإنه يتخير أنفسها، وأدقها، ويضعها في حواشي الكتاب، كما كانت هي في حواشي المخطوط، وينقل منها ما يتعلق بالتنبيه على التصحيف، أو الوهم، أو الحاق فائدة يتم بها الكلام، ولا يكثر من ذلك، والله أعلم.
أمثلة لمحققين لا يبالون في تغيير ما تيقنوا من خطئه:
وهم كثير والضابط عند هؤلاء هو تغيير النص الذي يكون خطأ محضاً، ولا وجه له في العربية، أما الخطأ المحتمل أو ما له وجه في اللغة، ولو كان نادراً، أو شاذاً، أو ضعيفاً، فإنهم يبقونه في النص كما هو، مع الإشارة في الهامش إلى الأصح، والأفضل.
(1) قال محقق: «الوجيز في شرح قراءات القَرَأَةِ الثَّمانية» وفقه الله «ص58»: «وقعت في نص المخطوطة بعض الأخطاء اللغوية، أو حصل بعض السهو في بعض آيات نص التنزيل، فأصلحت ذلك في المتن، وأشرتُ إليه في الهامش لإيماني ان ذلك لا يجوز في مثل هذا الكتاب، ولاحتمال كونها من أخطاء النساخ» أ. هـ.
(2) قالت محققة: «معجم شيوخ ابن عساكر» وفقها الله «1/ 88»: «لم أغير في النص إلا ما لا وجه له مقبولاً في نحو العربية، وإعرابها، كأن تكون الكلمة نكرة منصوبة، وقد كُتبت بلا ألف في آخرها، فأثبت الصواب في المتن، وأنبه على ما ورد في الأصل في التعليقات، ولا أصلح كلمة من الأصل ولها وجه مقبول في العربية، ولو كان ضعيفاً بل اثبتها كما هي، وأشير إلى ما هو أولى في التعليقات» أ. هـ
ويبقى المنهاجان «إبقاء خطأ المصنف كما هو، وتغيير الخطأ المحض» منهجين معروفين في الساحة العلمية ولهما رواج ملموس.
ولكن يبقى ل: «القرآن الكريم» قداسة خاصة، فيجب وجوباً شرعياً تغيير النص إلى الصواب إذا جاء محرفاً، ويمكن ان يدرج الشعر العربي «الجاهلي» في هذا الباب، فلا يترك اللحن كما هو.
تنبيه: حول معالجة اللهجات المحلية في النسخة:
¥