قال الخطيب في تاريخه (10/ 303): "عبد الرحمن بن أحمد بن إبراهيم أبو القاسم الخباز الصوفي، من أهل قزوين، قدم علينا حاجا، وحدَّث ببغداد عن أبي الحسن القطان، وأحمد بن محمد بن رزمة القزوينيين، وعن محمد بن هارون الثقفي الريحاني.
كتبنا عنه بعد صدوره من الحج، وذلك في سنة تسع وأربعمائة، [ثم أسند عنه حديثا].
حدثني أبو عمرو الزهري الفقيه: أن أهل قزوين كانوا يضعفون عبد الرحمن بن أحمد في روايته عن أبي الحسن القطان. قال: ومات في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة".
وعن الخطيب أخذ الرافعي في التدوين، والذهبي في تاريخه، وفي الميزان، وابن حجر في اللسان.
وما نقله الخطيب هو كل ما وقف عليه الرافعي والذهبي وابن حجر من جرح وتعديل فيه.
قلت: فليس بمشهور إذاً كما زعم المحقق، ولكننا نحسن الظن في قوله إنه معروف بالرواية عن شيخه خاصة، فنقول: نعم، ولكنه معروف بالضعف عنه!
ولكن كيف حاول المحقق التخلص من هذه الورطة؟
أولا: تجاهل التطرق لهذه المسألة في فصل عقده (ص16 - 18) لإثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفه، وعلى القارئ الفطن أن يكتشف بنفسه أنه حاول دفع التضعيف ضمن تعليق هامشي (ص26) في غير المظنة، بحيث إن القارئ العادي إذا أراد أن يتعرف على ثبوت نسبة الكتاب سيفتح الفهرس ويجد بابا خاصا في هذا، ولن يجد أي شيء يشكك في هذا الكتاب الذي اشتراه بماله الخاص، ويستروح القارئ بعدها أنه لم يُضع ماله في (وهم أو تدليس) من عابث!
ثانيا: قال المحقق في هامشه المشار إليه (ص25 - 26): "أما ما ذكره الخطيب البغدادي من أن أهل قزوين كانوا يضعفون عبد الرحمن بن أحمد في روايته عن أبي الحسن القطان ففيها [كذا! ولعله يريد: ففيه] دلالة على توثيق روايته عن غيره، إذ أنه ذو مشيخة لا بأس بها [ملاحظة: ذكر له الخطيب - سوى القطان - شيخان فقط!!]، واستثناء الرواية عن أبي الحسن بوصفها بالضعف يدل على الثقة بغيرها [كذا! ولعله يريد .. لا أدري ماذا يريد!]، ووجدت في لسان الميزان (4/ 245) ترجمة له [اكتشافٌ خطير بالنسبة لمحققٍ مبلغُ علمه نزهة النظر!!]، فنقل الحافظ عن الذهبي [لم يكتشف أنه في ميزان الاعتدال! اصبروا حتى يقرأ على شيخه البيقونية] قوله: (عبد الرحمن بن أحمد القزويني عن أبي الحسن بن سلمة القطان ضعيف عند أهل بلده قاله الخطيب وحدث عنه .. ) [ملاحظة: انعدام علامات الترقيم المهمة من المطبوع، وغالبه هكذا] ثم عقب الحافظ بقوله: (والخطيب إنما نقل ذلك عن غيره مقيدا غير مطلق فقال: حدثني أبوعمرو المروزي أن أهل قزوين كانوا يضعفون عبد الرحمن بن أحمد في روايته عن أبي الحسن القطان هذه عبارته فضعفه على هذا مقيد بما رواه عن أبي الحسن فقط وقد روى عن غيره أحاديث مستقيمة إن شاء الله) [أكرر الملاحظة السابقة! ويتعبني أن أكررها، فلتكن منك على ذكر فيما يأتي].
وأبوعمرو المنقول عنه التضعيف لم أعرفه [هذا الأصل فيك!] ولم أجد عنه نقلا في تاريخ بغداد سوى ما جاء في هذا الموضع [لأنه يظن الخطيب يورده بالكنية فقط كما جاء هنا!] والله أعلم.
ثم إن الخطيب نفسه روى أثرين عن كتاب أبي حاتم هذا من طريق أبي القاسم عن أبي الحسن كما سبق ذكره في إثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
والذي يتبين لي من ذلك والله أعلم أن القدح ليس في عدالة أبي القاسم وصدقه في نفسه [فماذا بقي إذن؟!] وإنما في إدراكه لأبي الحسن واتصاله به، فبين وفاتيهما (68) سنة وهما من بلد واحد ويمكن لأبي القاسم حضور مجلس القطان، وهذا يقتضي أن تكون ولادة أبي القاسم قبل وفاة أبي الحسن القطان بخمس سنين على الأقل ليقرأ عليه بحضوره، ولاحظ قوله في السند: أخبرني .. قراءة عليه، ولم يقل وأنا أسمع (!)، فكأنه الحضور وحسب (!!)، ولو عرفنا سنة ولادة أبي القاسم لثبتنا هذا التوجيه أو نفيناه (!!!!!!!!) " انتهى كلام المحقق بطوله!
وهذا الكلام - اسمح لي - عاطفي هزيل، ويصرخ على قائله بالجهل المركب، وليس من العلم في شيء، ولكن سأناقش بعض ما جاء فيه، فأقول: سواء كان ضعف الراوي عن القطان عاما أم محصورا في شيخه فهذا حجة عليك في تضعيف سند الكتاب، ومن العجائب أن يستدرك المحقق على الخطيب إيراده الطعن في عبد الرحمن بقوله: إنه روى عنه من الكتاب أثرين، وأن هذا من أدلة ثبوت الكتاب لأبي حاتم!
¥