ـ[أبو أحمد الجزائري الأثري]ــــــــ[25 - 03 - 03, 12:24 م]ـ
ملاحظات على المقدمة:
دعوى علمية متهورة جدا:
قال المحقق (ص13): "وقد وجدتُ في كل سند لخبر أو أثر بحثت فيه ونظرت في متابعاته وشواهده ما يُشعر بأن هذا الكتاب قد صنفه أبوحاتم لذكر علل أحاديث وآثار الزهد، كما ترى في أكثر النصوص التي كتبت تعليقا عليها".
هل رأى أحد منكم دعوى أعرض من هذه خلال قراءاته ومتابعته للتراث؟ أما أنا فلا!
ولا ننسى أن شيخه الإدلبي له ولع معكوس بالعلل، كما ظهر في علله الخاصة التي كشفها في رسالته (كشف المعلول)، ولعل ذلك سرى لتلميذه الذي قرأ عليه نزهة الفكر، فحثه شيخه على تحقيق المخطوطات حثا متواصلا، فظهر من نتائج الحث المتواصل ما نرى من علل وغوائل!
وتبطل هذه الدعوى بأمور عدة، أجملها فيما يلي:
1) بمجرد حكايتها.
2) أن ابن أبي حاتم قد عقد بابا لأحاديث الزهد في كتابه العلل عن أبيه وأبي زرعة، (ولم يشر المحقق المتعالم لهذا، إن كان يدري به أصلا!) ولم يذكر أبوحاتم ولا رفيقه ولا ابنه من هذا الجزء حديثا ولا أثرا!
3) والأحاديث المعلولة في الزهد كثيرة جدا، ولا أظن أحدا شم شيئا من علم الحديث يصدق أن أبا حاتم اختزلها في أحد عشر حديثا هي مجموع الأحاديث المرفوعة في الجزء! وأولها في الصحيحين من نفس الطريق! وخمسة منها مرسلة.
4) وهذا يقال من باب أولى عن أضعاف أضعافها من الآثار المعلولة في باب الزهد!
5) ومرد الأمر كله في نظري أن المحقق لما سمع من شيخه أن أبا حاتم إمام في معرفة العلل ظن كل تراثه (على افتراض أن هذا الجزء من تراثه!) لا بد أن يكون في العلل، والعلل حصرا!
6) فأخشى أن يظهر مستقبلا أحد قراء نزهة النظر، ويقع تحت يده جزء أبي حاتم الرازي عن محمد بن عبد الله الأنصاري، فيقول إن الجزء جمع فيه أحاديث الأنصاري المعلة! (مع أن بعضها في الصحيحين!)
7) ثم إذا نظرنا تخريجه للأحاديث هذه التي بنى عليها حكمه رأينا ضعفا وقصورا شديدين في التخريج سواء من ناحية فن التخريج والصناعة الحديثية أو المصادر، فمن يرى تخريجه يدرك أنه لا قيمة له، ولا يكون سبب ذلك إلا واحدا على الأقل مما يلي: أنه لا يعرف كيفية التخريج، أو أنه لا يعرف الكتب، أو أنه أيضا من الفاشلين في استخدام برامج الحاسوب الآلي (الكومبيوتير)، وربما يكون السبب: جميع ما سبق!
8) ثم إن الأحاديث والآثار التي خرجها حوالي نصف الجزء الصغير فقط، وتخريج غالبها يقتصر على مصدر وحيد، لا يكاد يتعدى كتب الزهد! أما الأحاديث التي تنفس فيها (ولا أقول أطال النفس) فكلها - على ملاحظاتها وأخطائها والقصور في تخريجها - لا تبلغ عُشر الكتاب، فهل يكفي هذا القدر لإطلاق هذه الدعوى العريضة جدا؟ إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
9) وهل تتسق هذه الدعوى الفجة مع قول المحقق في مقدمته (ص4): "وقد عملت جهدي (!) على إخراج النص (!) بما توفر لدي من مراجع (!!) وتيسر لي من أوقات (!!) رجاء أن يكون كما أراده مصنفه (!) .. وما قصدت الاستقصاء في ذكر المتابعات والشواهد ولا الحكم على النصوص".
أقول: فمن أين تجرأت على إطلاق عبارة كبيرة للغاية، وهي أن الكتاب في علل أحاديث وآثار الزهد؟! ما دمت لم تستقص باعترافك، بل لا تعرف أن تخرج كما يتضح من النزر الذي خرَّجته؟
10) وهذا النزر الذي أحال عليه مدللا على دعواه: إنني أعلن عن جائزة وقدرها مائة دينار لمن يظفر بنقل واحد جاء به المحقق عن إمام من الأئمة المتقدمين (بل والمتأخرين!) يُعل فيها شيئا مما خرّجه! لا تتعبوا، فلن تجدوا من ذلك شيئا، وستبقى المائة في جيبي آمنة مطمئنة، وهنا أقول للمحقق مجددا: فمن أين عرفت أن هذه الأحاديث هي أحاديث وآثار الزهد المعلولة؟! لن يجد جوابا إلا بالتشهي والعندية أسوة بشيخه الإدلبي في كشف معلوله، إذ هذا الشبل من ذاك الأسد! علل آخر زمن!
11) وللإحاطة والعلم: فلا يُستدرك عليَّ النقل اليتيم من المحقق في كتابه (رقم 15) حيث نقل حُكما قائلا: "قال محقق الشعب للبيهقي (لدى الدار السلفية في الهند عن الحديث وهو بترقيمه 2/ 984 [ملاحظة: هذا ليس ترقيما!]): إسناده فيه جهالة."!!!!!!!!!!
فمن كان هذا مبلغ علمه في نقل الأحكام، وكان نزهة النظر مبلغ علمه في علوم المصطلح والحديث والعلل والرجال والمخطوطات، كيف يجرؤ على رمي الدعاوى شمالا ويسارا؟!
¥