تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سأتجاوز النكتة في استنباطه السماع من قوله أخبرني بقراءتي! ولك أين ذِكره بالخير؟! راجعتُ المواضع الثلاثة التي ورد فيها السماع، وهي طرة المخطوط، وسند الابتداء، والسماع آخر الجزء، ثم اعتبرت قول المحقق: "حيث ذكره بخير" يحتمل العود على الأب أو الابن، فلم أجد شيئا، وعدت للمخطوط تحسينا للظن بأن يكون أسقط الثناء ضمن ما أسقط فلم أجد شيئا! إنه الكيس المبارك مرة أخرى!

3) نقل (رقم 69) في تعليقه على قول أبي وائل: "هذا وأبيك الحسين" شرح النووي وتأويله لحديث "أفلح وأبيه إن صدق"، قلت: ولو كان من المهتمين حقا بالعلل لنقل إعلال ابن عبد البر وغيره من الحفاظ لهذه الزيادة، وأنها شاذة، واستراح وأراح من التأويل.

المهم بعد أن نقد الراوية التي أتى بها من خارج الكتاب في ثمانية أسطر رجع للرواية الأصلية، فقال في أقل من سطر: "ولربما لم يبلغ هذا النهي أبا وائل إن صحت نسبة الكلام إليه".

قلت: وما عملك أنت يا مدعي العلل؟ ألا تستطيع أن تحكم على الإسناد الذي أمام عينيك وبين يديك؟ والواقع أن الإسناد سنده حسن لولا عدم معرفة سماع عبد الملك بن عمير من أبي وائل، إذ لم يُذكر في شيوخ عبد الملك على شهرته، وظاهر السند أنه لم يسمعه منه، وهكذا يرتاح المحقق من التأويل والتشكيك.

4) ونختم الملاحظات بالتعليق الذي ختم به كتابه، حيث تعرض لحديث جابر مرفوعا: "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة".

فقد بدأ المحقق تخريجه بقوله إن البخاري أخرجه (1195) من حديث عبد الله بن زيد، وأخرجه (1196) من حديث أبي هريرة، نعم أورد لفظهما أنه (بيتي) بدل (قبري)، ثم آخر التخريج ذكر تخريج حديث جابر تخريجا مخلا جدا نقلا عن كنز العمال، مع أن العزو فيه لكتب شهيرة جدا، كأحمد والبيهقي والخطيب وابن عساكر!! ساكتا عن حال الحديث، وأورد له شواهد اختار نقلها من فتح الباري، ربما لأنه سكت عن حالها، فماذا يفهم القارئ العادي؟

يفهم أن الحديث في البخاري، حيث بدأ التخريج به، ولا يعرف القارئ العادي الفارق بين اللفظين، وعندما يورد عدة شواهد مع الإحالة للفظ المنكر على الكتب (وبالواسطة) ساكتا عن حالها تظهر أن اللفظة صحيحة! مع أن كلام الحفاظ والمحدثين فيها قديما وحديثا لا يخفى، فماذا نسمي هذا؟

هل نقول إنه تدليس مقصود، وأنه أحد أسباب الحث المتواصل من الإدلبي لصبيّه على إخراج المخطوطات؟

أم نقول إن المحقق المستقرئ لا يعرف كيف يخرج حديثا من مسند أحمد والبيهقي والخطيب، ويكتفي بالرجوع لكنز العمال! عجزا أو جهلا أو كليهما؟ ويزعم مع هذا: الاستقراء والدعاوى الفارغة!

أم نقول إن المحقق صاحب العلل اهتماما وواقعا لا يعلم علة هذا اللفظ؟

أم نقول إنه لا يعرف فن التخريج، حيث المفترض أن يخرّج الرواية الموجودة (حديث جابر) ثم يتبعها بالشواهد التامة، ثم بالألفاظ الأخرى، والكلام عليها، لا أن يقلب التخريج رأسا على عقب كما فعل؟

أيا كان الجواب فهو مصيبة لا تغتفر!

وكما يرى الناظر فإنني لم أتتبع تخريجاته، وأنني مررت عليها مرور الكرام، وذاك لأني رأيتها لا تستحق التتبع الخاص، لقصورها العام! إلا أن هذا الحديث شدّني رؤية تخريجه لعلمي أن بعض أهل الأهواء يستدل باللفظ الذي تغاضى المحقق عنه لنصرة بدعته، فلما رأيته بهذا الشكل قلت في نفسي: لو كان المحقق ليس منهم وكان ذا علم يسير بالسنة لسارع لرد هذه اللفظة، أما إذا .. !

ولا يزال له محمل آخر ضمن الاحتمالات التي أوردتها قبل قليل، وأحلاها مر!

الخاتمة:

فاتضح بهذا أن هذا المحقق العابث الجريء جاهل بالتحقيق، بل بأصول العلم، من حديث وتخريج ولغة، لم يتزبب حتى يتحصرم، لكنه بدل أن يعرف قدره ويقف عنده راضيا بقسمة الله وقضائه وقَدَرِه: تجاسر على التراث العلمي ليعمل فيه مسخا وتشويها، وينشر جهالاته أمام الملأ!

فأرجو أن يكون مازحا في قوله -بعد ذِكْرِه لحث شيخه المتواصل له على إخراج المخطوطات (ص4): "فرأيتُ أن أبدأ بهذا الكتاب".

وأذكره بما قال الشاعر:

فدع عنك الكتابة لست منها --- وإن سوّدت وجهك بالمداد!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير