ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[01 Jan 2010, 06:29 م]ـ
ومن قال إن الله هو المسيح بن مريم وإن الله ثالث ثلاثة أو إن المسيح بن الله
فهو قطعا ليس بموحد ولا يدخل تحت عموم هذه الآية
هذ صحيح ولا خلاف عليه
ولكن من المهم جدا أن نحدد:
من هم الذين قالوا ذلك على وجه التعيين والحصر؟ وما الذى كانوا يعنونه بكل قول على حدة وعلى وجه الدقة؟ وهل الذين قالوا به هم كل النصارى أبا عن جد وفى كل عصر وحين؟ أم انهم كانوا ينتمون الى طائفة محدودة يعرفها التاريخ وقد اندثرت ولم يعد لها وجود؟ ثم هل ظل هذا القول أو ذاك باقيا الى يومنا هذا ولم يطرأ عليه تغيير؟ أم أنه قد اندثر ولم يعد يعتنقه أحد؟
كل هذه الأسئلة وغيرها لم تمحص بالدرجة الكافية من قبل المفسرين، والسبب هو عدم احاطة أكثرهم بالعقائد النصرانية على وجه التفصيل، ناهيك عن المذاهب العديدة المتشعبة منها بطول التاريخ
وليكن فى كريم علمك أخى الفاضل أنه لا يوجد بين النصارى اليوم من يقول بأن الله هو المسيح بن مريم على وجه الحصر والتحديد، أى من يحصر الألوهية فى شخص المسيح تحديدا
بل ان النصارى يعدون من يقول بهذا مهرطقا وزنديقا، أى يعتبرونه كافرا مثلما اعتبره القرآن تماما
وكذلك يعتبرون أن القول بأن الله هو واحد من ثلاثة آلهة منفصلة من الهرطقات المخرجة من الملة عندهم، فالله عندهم واحد فى خاتمة المطاف وان آمنوا بالثالوث، وعقيدتهم اليوم ليس منها أن الله يعد واحد من ثلاثة أنداد متناظرين ومنفصلين، سبحانه وتعالى عما يصفون، فهم يتبرأون من هذا القول ويكفرون (بتضعيف الفاء) قائله، وحقيقة الأمر هى أن كل تلك الأقاويل - كما يكشف لنا تاريخ الملل والمذاهب - انما كانت تدين بها طوائف محدودة من النصارى زمن البعثة النبوية الشريفة فى الجزيرة العربية تحديدا ولم يعد لها وجود الآن
فمن المهم للغاية معرفة معنى القول المنسوب الى البعض منهم ومعرفة متى قيل قبل أن ندمغهم كلهم بالشرك دون أى استثناء
وهذا ينطبق على مقولة (المسيح ابن الله) التى فهمها أكثر المفسرين على أنها لا تعنى الا البنوة الطبيعية البيولوجية كتلك التى بين الوالد وما ولد، فظنوا بالتالى أن النصارى كافة يقولون بهذا، بينما الحق أن هذا القول منسوب الى طائفة شاذة من النصارى كانت موجودة عصر نزول القرآن وهى الطائفة التى كفرها القرآن فى حينه، بينما النصارى اليوم هم أول من يكفرون القائل بهذا ويعتبرونه مهرطقا
ومن بليغ البيان القرآنى المعجز، ومن بالغ احترازه واحتراسه أنه حين ذكر هذه العقيدة الباطلة الشاذة القائلة بأن (المسيح ابن الله) بنوة طبيعية (بيولوجية) وحقيقية لا مجازية فانه قد قرنها فى الذكر بعقيدة أخرى مماثلة لها تماما فى الشذوذ والمحدودية، تلك هى قول بعض المتهودين الجهلاء (عزير ابن الله)، فهذا أيضا قول شاذ لم يصدر الا عن طائفة مغمورة ومحدودة جدا من اليهود أو بالأحرى المتهودين من عرب الجزيرة و الذين لم يكونوا يهودا بحكم الأصل والعرق، ويدلك على شذوذه ومحدوديته أنك تجد اليهود جميعا يستنكرون بشدة صدور هذا القول عنهم ويتبرأون منه تماما، بل انهم يتعجبون من نسبة القرآن هذا القول اليهم جهلا منهم بتلك الطائفة المغمورة فى التاريخ، فهذا الاقتران الجامع بين كلا القولين عن المسيح وعزير معا يعد قرينة قوية على شذوذهما معا وقلة القائلين بهما
ونحن اليوم أصبحنا نعلم على وجه التحديد من هم الذين قالوا بذلك بعد أن كان هذا الأمر مجهولا للمفسرين، وقد كنت أنوى بيان ذلك بشىء من التفصيل لولا مداخلتك الأخيرة أخى الكريم التى اقتضت منى أن أرد على ما جاء فيها
وقبل أن أنتهى من هذه النقطة يجدر بى أن أقول بكل وضوح وبما لا يدع أدنى لبس:
ان مجمل كلامى السابق من بدئه الى منتهاه لا يعنى بحال ولا يجب أن يفهم منه أن عقائد النصارى المعاصرين قد سلمت من البطلان، بل يشوبها الباطل بلا ريب فى بعض التفاصيل الهامة، ولكنى أقصد فحسب أن ما ذكره القرآن عن بعضهم لا ينسحب على جميعهم، وأن من الخطأ تعميم الحكم عليهم أجمعين قبل البحث والتحقيق
(يتبع)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[01 Jan 2010, 06:35 م]ـ
لقد جانبك الصواب أخي الكريم
فليس هنا مساواة إطلاقا
فذكرهم لله في صوامعهم وبيعهم وصلواتهم لا ينفي عنهم الشرك
عفوا أخى الكريم، بل ربما يكون غيرى قد جانبه الصواب هنا
فان من يذكر اسم الله تعالى ذكرا كثيرا (كما تقول الآية) لا يقال عنه: انه مشرك!!
كما أن هذا الفهم يتعارض تماما مع روح الآية ومعناها المباشر، فالآية تتحدث عن معالم التوحيد لا الشرك (انظر فيها تفسير ابن عاشور مثلا)
وأخيرا فان هذا الفهم يجرد بيوت الصلاة أو دور العبادة المذكورة فى الآية من أى ميزة لها على هياكل الوثنيين ومعابدهم
فأى ميزة سوف تبقى لها اذا كنا سنصف من فيها بأنهم مشركون أيضا؟!
ولو لم يكن لها أى امتياز يذكر فلماذا اذن يخصها القرآن بالذكر ويوجب حمايتها وصيانتها والذود عنها؟!
فهل يعلم أخى الكريم أن بعض مذاهب الشرع الاسلامى الحنيف قد حرمت هدم كنائس النصارى بموجب هذه الآية الكريمة من سورة الحج؟
فهل شرعنا الحنيف يحافظ على دور العبادة الخاصة بالمشركين (حسب وصفك لهم) أو أنه يوفر لهم حق ممارسة الطقوس الكفرية والوثنية؟!
أعتقد أن الصواب لم يجانبنى أنا فى هذه كما قلت، وليس أحب اليى من أن تصوبنى لو كنت مخطئا فعلا
وغفر الله لى ولك
(يتبع)
¥