تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولنترك جانبا كل الفرق المستقلة عن الأمة ونهتم بأتباع مذهب الأمة وهؤلاء بينهم خلافات عبر التاريخ سيحلها بإذن الله التوسع في المعرفة والتحليل اللغوي وعلوم اللسانيات وآليات المعرفة التي جاءت بها أكبر ثورة اتصال في التاريخ التي شهدها العقد الأخير من القرن العشرين الميلادي، (حيث جاء الانترنت والموبايل والفضائيات في عصر واحد). وما سيزداد وعي المسلم في حسن فهمه لعلوم العقائد ما نزال بانتظاره وسبب تأخره نفور أرباب العلوم الشرعية أو جلهم من العلوم العقلية والرياضية وظنهم أن في مروياتهم ما يغني عنها. ولو كان أبو محمد بن بن حزم حيا لقرع بعضا وولام بعضا على هذا الظن الفائل والحسبان الباطل. فالعلوم العقلية الرياضية التحليلية هي السلاح الذي به يفهم المسلم الجانب العلمي في الرواية والجانب الذاتي وبه يستطيع فهم أعدائه وألاعيبهم وبه يدافع عن دينه وكيانه. بل به ينجو من ظنونه وأوهامه فيميز بين ما هو ثابت مجمع عليه وما هو ظني ودرجة أرجحيته.

ويشهد الله أني حين أرى أبناء مذهب الأمة يكرهون بعضهم أو يرفضون أن يتعاونوا على التعلم وإدراك أسباب الاختلاف على تؤدة وأناة أحسّ بألم يعتصرني. وأنا أبرأ إلى الله تعالى من كل من ينتهك حجاب الأخلاق فيرمي المسلمين بالحجارة والإقذاع في اللفظ مما يصدّ النفوس عن قبول بعضها ومما يفت في عضد الأمة ويقوي أعداءها والمنحرفين عن نهجها.

فلا يرتاب عاقل في أن مصدر العقيدة الرئيس هو القرآن الكريم.

ولفتة بسيطة في علم الإحصاء تقربنا من الفهم الصواب لمسائل العقيدة

فما الأمور التي شدد عليها القرآن وضرب عليها الأمثال ووبخ عليها من أعرض عنها؟

إنها وحدانية الله والإيمان باليوم الآخر.

فكل من قدم الدنيا على الآخرة في سلوكه فهو مختل العقيدة وإن زعم أنه موحد أو ألف كتبا أو شُدت إليه الرحال.

وكل من خاف الناس أكثر من خوفه من الله تعالى فهو مختل العقيدة وإن زعم أنه وأنه ..

فالعقيدة الحق هي ما كان عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، وليس من جاء بعدهم من متعاطي العلم والقاعدين في بيوتهم ولو مجدوا سنة رسول الله أو آل بيته الكرام أو قسّموا وصنفوا وألّفوا إلا مجتهدون في الاتباع يصيبون ويقصرون. والسلف الحق هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس علماء الحديث والقراءات واللغة والمغازي والسير وغيرهم. وبعض الناس يعدّ كل من جاء قبل تمام المئة الثالثة سلفاً. وهذا إن كان يعني السلف اللغوي فكل من سلفك فهو سلف لك حتى أجدادك الأدنين فلا بأس. وإن كان يعني مفهوما يكتسب روحا دينيا بأن يقوم ويفهم معنى القرن على أنه مئة سنة فهذا من باب فهم النص بمفهوم متأخّر. فالقرن هو الطبقة من الناس أو ما نسميه اليوم (الجيل) [وإن كان معنى الجيل لغةً هو الأمة فالروم جيل من الناس والعرب جيل من الناس]. وقد فهم المحدث أحمد بن حنبل معنى القرن بدلالته اللغوية فقال"وأفضل الناس بعد الأنبياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم القرن الذي بعث فيهم" وعلى هذا يكون الزبير قرن وعروة بن الزبير قرن وهشام بن عروة قرن. ويكون معنى خيركم قرني ثم الذين يلونهم الصحابة وأبناءهم وأحفاهم. وما يحاول بعضهم أن يحتكر أسماء كبيرة كمفهوم أهل السنة والجماعة وهم تيار اتفق على مجموعة أمور تاريخية أو مفهوم السلف ليضمنه من يظن أنهم خير من يمثل الإسلام وهم محدثو القرن الثالث أو كل من مجّد ونافح عن مفاهيم عامة (أهل سنة، سنة، حديث، صفات، القرآن غير مخلوق، كل من رأى أو سمع النبي وأسلم ومات على الإسلام فهو صحابي، والسكوت عن خلافات الصحابة واحترابهم .. ) فهذا نوع من التعصب لمفاهيم حصلت في التاريخ داخل المجتمع المسلم. وهذا النوع من الفهم وإن أسعد كثيرين من أهل الكروش والعروش فإنه ليس الدين الذي جاء به القرآن القائم على تقديم الآخرة على الدنيا في كل سلوك، وعلى الخوف من الله تعالى وحده وعلى الإنفاق في سبيل الله ونصرة الدين بالنفس والمال والولد والمكانة. وما أرى الشيطان إلا قد وجد مزلقا في أمة الإسلام حيث حوّل بعضهم الدين من سلوك وطريقة في العيش إلى جمع معلومات عما كان عليه سلف الأمة وقعود أمام الكتب والحواسيب وجبن وخور عن نصرة الإسلام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير