واستأنف "الأستاذ الكبير" منظومته الخسيسة في تجريح الشهيد سيد وكل ما كتب, وخصوصًا "في ظلال القرآن"، ولم يعلق صاحب الديوانية على أية كلمة مما قاله "الضيف الأستاذ", تأدُّبًا منه وكرمًا. وأخذ الحاضرون يغادرون الديوانية .. واحدًا واحدًا, ولم يبق مع الضيف إلا خمسة هم المضيف ورجال الأسرة.
قال واحد ممن نقل إلينا الواقعة المؤسفة: قطعًا الرجل لم يقرأ في ظلال القرآن ولو قرأه لغيّر رأيه.
قلت: بل قرأه قراءة جيدة, وفهمه فهمًا دقيقًا, ورأى ما فيه من تفوق سيد قطب وعبقريته, ولكن الحسد أكل قلبه, وطمس عقله، فالرجل لا يملك سماحة العالم ونبله وسعة صدره, ولم يرزقه الله سعة أفق الداعية وأسلوبه الواعي المتزن, ومن هنا جاء إخفاقه ذريعًا في تكوين "جماعة إسلامية" يضرب بها الإخوان ويوقف بها مسيرتهم.
ولكني أقول: "شكرًا" للرجل "الأستاذ جدًّا"؛ إذ فتح بحقده على دعوة الإخوان وعلى سيد قطب وما كتب عيون الناس وعقولهم وقلوبهم, وخصوصًا "ظلال القرآن" وذلك من حيث لا يقصد. وهذا ما نسميه "الإيحاء العكسي" أي الإيحاء الذي يأتي بنتيجة عكس ما حرص عليه هذا "الأستاذ جدًّا".
وفي النقد: ممنوع سيد قطب
ولا أقصد بهذه الكلمة السيد جابر عصفور الذي كتب في الأهرام مقالات عن النقاد في القرن العشرين لم يشر فيها- مجرد إشارة- لسيد قطب. إنما أقصد واقعة خلاصتها أن وزارة التربية والتعليم المصرية قررت سنة 1965م كتابًا باسم "فصول مختارة من النقد" على الصف الثاني من معاهد المعلمين القسم الخاص (سنتين بعد الثانوية العامة) والكتاب يضم أكثر من عشرة فصول من النقد لأساتذة مختلفين، وفي الكتاب فصل لسيد قطب عنوانه "القيم الشعورية في العمل الأدبي"، وهو مستل من كتابه (النقد الأدبي أصوله ومناهجه) ولم يلتفت أي طالب لوجود هذا الفصل في الكتاب؛ لأنه لم يكن ضمن ستة فصول اختيرت من الكتاب مقررًا. وصدر أمر رياسي بجمع الكتاب من الطلاب, وإعادته لهم بعد نزع هذا الفصل وحرقه، ولم يُحضر الكتاب إلا قرابة نصف الطلاب, وتم تشكيل لجنة في كل معهد لحرق الفصل المنزوع, مع أنه أدبي نقدي بحت, وأعيدت الكتب إلي أصحابها الذين لا يزيدون على النصف, واعتقد الطلاب أن في الفصل المنزوع ما هو مهم خطير, فقرأه واستوعبه من لم يُحضروا كتبهم, وتمكن الآخرون من قراءته كذلك, بل إن بعض المكتبات طبعت الفصل في كتيبّ صغير عنوانه "النقد المرفوض" بقلم سيد قطب, ووُزع هذا الكتيب على أوسع نطاق، ولو "سكت" المسئولون العباقرة في وزارة التربية والتعليم ما التفت إلى هذا الفصل أحد. والفصل- كما أشرت- لم يكن مقررًا مع أنه كان ضمن فصول الكتاب.
إنها محارق أقيمت لدعوة الإخوان وكتبهم وخصوصًا كتب سيد قطب. وهي تنضح بالكذب والتجريح لسيد قطب والإخوان. وكذبوا .. وهم بمحارقهم لا يحرقون إلا أنفسهم المخروبة, ومنطقهم الهش المنتفش .. أما الإخوان ودعوتهم فخرجوا من هذه المحارق كالذهب الإبريز, وهم بحمد الله في تزايد ممتد, وقوة مطردة, ونشكر "الحاقدين الحارقين المحروقين", ومرة أخرى حققت هذه الدعاوى والادعاءات الكاذبة عكس ما تغيّاه أصحابها, وأصبح لدعوة الإخوان وسيد قطب وجود وكيان في هذه البلاد, ومنها- بل أهمها- ما لم يعرف الأحزاب من قبل.
وأذكّر القراء بالبيتين الخالدين:
وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طُويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف طِيبُ عَرْف العُود
وأدعو من يتصدى للكتابة عن سيد قطب أن يراجع القواعد المنهجية التي ذكرتها في المدخل؛ فسيد قطب رحمه الله عاش مفكرًا موسوعي الثقافة غزير العطاء في الفكر الإسلامي والأدب والنقد والتاريخ والتفسير، كما أنه شاعر مطبوع.
ولنا عودة لاستيفاء حديثنا عن سيد قطب رحمه الله.
ـ[صالح صواب]ــــــــ[01 Jan 2010, 11:22 م]ـ
جزى الله الباحث د. ماجد شباله كل خير على جهده، وما ذكره ظاهر لمن أنصف إلا في مسالة التكفير، يعرف ذلك كل محب لسيد لا يريد من الناس ان يتبعوه فيما زل فيه في هذا الباب، فكتبه المتأخره ــ رحمه الله ــ طافحة بتكفير المجتمعات المسلمة،.
أنقل هنا بعض النصوص من رسالة الباحث كما وردت:
الفرع الثاني: حقيقة نسبة تكفير المسلمين إلى سيد قطب
ينطلق القائلون بأن سيد قطب يكفر المسلمين عموماً بدون ضوابط من منطلقات هي:
¥