الأمور، بل لعلهم وإن كانوا أفضل من غيرهم في أمر واحد فغيرهم يكون أفضل منهم فيما عدا ذلك الأمر, وعند ذلك يظهر أنه لا يصح الاستدلال بقوله تعالى: {إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم، وآل عمران على العالمين} [آل عمران: 33] على أن الأنبياء أفضل من الملائكة." اهـ
وكما رأيت عزيزي القارئ فقد أوقعوا أنفسهم في إشكاليات بقولهم هذا, لن يجد القارئ أي أثر لها عند قولنا بقولنا.
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[11 Jan 2010, 09:25 ص]ـ
أين الخطأ؟
لقد غفل السادة المفسرون عند تناولهم لهذه الكلمة غفلة بسيطة, أدت إلى هذا التوسع في المعنى, على الرغم من أن الأمر من أوضح ما يكون!!
لا جدال في معنى كلمة عالم, فهذا مما يعرفه القاصي والداني, ولكن السؤال هو: ما هو جمعه؟
إن هذه الكلمة تُجمع على "عوالم", فإذا جُمعت على هذا الوزن كانت بالمعنى الذي ذكره المفسرون, ولكن الله تعالى لم يجمعها على عوالم, وإنما جمعها على "عالمون"
وكما نرى فإن الكلمة مما انتهت بالواو والنون, وهما لا يكونان في الجمع إلا مع العاقل! فيكون هذا دليلا على أن الحديث عن عوالم عاقلة! وبهذا يمكننا استبعاد الجمادات والدواب وكل ما عدا العاقل!
ولقد اخرج ابن عباس رضي الله عنه كل ما عدا الإنس والجن بسبب آية الفرقان والتي سنعرض لها, فجعل العالمين هم الإنس والجن!
أما نحن فنقول:
العالمون هم الأمم أو الجماعات أو المجتمعات البشرية المختلفة. (في زمانٍ ما وليس مطلقا)
وليس للكلمة أي علاقة بالجن ولا الملائكة ولا الجمادات ولا الحيوانات ولا أي شيء ما عدا الإنسان!
ونبين من أين أتينا بهذا التحديد, فنقول:
ذُكرت كلمة "العالمين" 61 مرة في القرآن, جاءت في بعضها عامة, مما لا يمكن من تحديد المدلول المندرج تحتها, ولكنها أتت مخصصة في بعض المرات بأوصاف تحتم أن تكون بالمعنى الذي ذكرنا, ونتناول هذه الآيات:
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة: 47]
أيهما أولى أن نفهم أن بني إسرائيل فُضلوا على باقي المجتمعات في زمانهم, وبهذا لا تظهر إشكالية في وجود بعض الفسقة فيهم, لأنه تفضيل مجتمع على مجتمعات, أم من الأولى أن تُفهم أن بني إسرائيل فضلوا على كل الخلق؟!
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ [آل عمران: 42]
هنا نلاحظ أن العالمين لهم نساء! فهل لكل ما سوى الله نساء, أم أن النساء التي فُضلت مريم عليهن هن نساء المجتمعات البشرية في زمانها؟!
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران: 96]
فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: 97]
فالبيت وضع للناس وهو هداية لكل المجتمعات والأمم, أم أن البيت هداية للدواب والسماوات والأرض والدواب؟!
كما نلحظ في الآية التالية أن من يكفر فإن الله غني عن العالمين, فأي المعنين أنسب, المجتمعات والأمم أم الكون بما فيه؟!
نعم, الله غني عن كل شيء, ولكن ما من مخلوق يكفر ويجحد إلا الإنسان!
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ [المائدة: 20]
ونلحظ هنا استعمال "أحد" والتي لا تُستعمل في القرآن إلا مع العاقل, وبغض النظر عن هذا, فإن الآية تقول أن الله أعطى بني إسرائيل ما لم يؤت أحد من العالمين, -وهذا غير بعثة الأنبياء فيهم وجعلهم ملوكا, لعطف الإتيان على هذين الأمرين, والعطف يقتضي المغايرة-
فإذا قبل بعض الأخوة أن يُفضل بنو إسرائيل على الملائكة, فهل يُعقل أن يعطى بنو إسرائيل ما لم تُعطه الملائكة ولا الشياطين؟!
أما على فهمنا وقولنا فلا إشكال!
¥