تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ [المائدة: 115]

العالمون يُعذبون, فهل يُعذب الجماد والنبات؟!

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ [الأنعام: 90]

وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ [يوسف: 104]

القرآن ذكرى وذكر للعالمين, فهل القرآن للجمادات والدواب, أم للجماعات والأمم المختلفة؟!

تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان: 1]

بهذه الآية استدل ابن عباس على أن المراد من العالمين هو الإنس والجن, لأن الرسول لم يكن إلا نذيرا لهما.

أما نحن فنقول أن المراد من العالمين هو المجتمعات البشرية فقط, ولا يدخل الجن فيها, لأن الجن والملائكة لا يسمون عالم, لأن العالم لا يكون إلا لمن له أثر ويُرى, وتذكر ما قاله الإمام الفخر الرازي:

"وهذا ضعيف لأن لفظ العالم مشتق من العلم وهو الدليل، فكل ما كان دليلاً على الله تعالى كان عالماً، فكان من العالم"

والعالم مشتق من العلم وهو ترك الأثر! ومن المعلوم أننا لا نرى لا الملائكة ولا الشياطين, ولا أثر مباشر لهم, لذا لا يُسمون عالم! فلا يدخلون في هذا المصطلح! كما أن الأوصاف المذكورة في حقهم تحتم أن يكونوا بشرا, مثل أن لهم نساء, ومثل الأوصاف القادمة.

وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ [الأعراف: 80]

فهل كان لوط يحدثهم عن عدم فعل الحجر والطير أم البشر؟ وحتى لا يجادل بعضهم, نذكر له قوله تعالى:

أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ [الشعراء: 165]

فهذا دليل على أن المراد بالعالمين هم المجتمعات البشرية, ولقد الإمام الطبري عند تأويله هذه الآية:

"يعني بقوله أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ): أتنكحون الذكران من بني آدم في أدبارهم." اهـ

وكذلك استعملها قومه بنفس المعنى:

قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ [الحجر: 70]

فهم كانوا ينهونه عن مخاطبة أو التعامل مع الأجانب! والذين هم عالمون, لأنهم من مجتمعات أخرى!

وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء: 91]

فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ [العنكبوت: 15]

فهل جُعلت مريم وسيدنا عيسى آية لجماعات البشر المختلفة أم للجمادات والحيوانات معهم, وللملائكة الذين باشروا العملية؟!

وكذلك هل جُعلت السفينة آية للمخلوقات كلها أم للبشر؟!

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ [العنكبوت: 10]

العالمون لهم صدور, والله يعلم بما فيها, فعلى أي المعنيين تنطبق؟!

ونختم بقوله تعالى:

فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الجاثية: 36]

فالله رب السماوات والأرض وهو رب العالمين, وهذا يعني أن العالمين شيء آخر غير السماوات والأرض!

ولقد قال الإمام الطبري عند تناوله هذه الآية:

"الطبري: (رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأرْضِ) يقول: مالك السموات السبع، ومالك الأرضين السبع و (رَبِّ الْعَالَمِينَ) يقول: مالك جميع ما فيهنّ من أصناف الخلق،" اهـ

أما نحن فنقول أنهم جماعات البشر فقط!

بهذا نكون قد بيّنا أن كلمة: عالمون, لا تستعمل إلا مع الأمم أو المجتمعات البشرية المختلفة, ولا تُستعمل مع غير هذا, لهذا خُتمت بالواو والنون, والله أعلى وأعلم.

والسلام عليكم ورحمة الله.

ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[11 Jan 2010, 10:04 ص]ـ

شكر الله لك أخي عمرو الشاعر

بالفعل صدقت كلمة (عالمين) هي للعاقل فقط. وأصلها الفعل الثلاثي [عَلَمَ] بمعنى بزّ بعقله. والعالمون بينهم يبزون بعضهم بالعقل. ففضل الله آدم وذريته بعمارة الأرض. وفضل الملائكة بعد فضل آدم. وأعطى الجن من العقل ما تحملت به واجب التكليف ولم يكلفها الله عمارة الأرض لسفهها.

ومن آدم وذريته اصطفى الله العرب ثم اصطفى بني إسرائيل عليهم السلام، واصطفى منهم قريشا، واصطفى من قريش محمدا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم. مما يعني اجتماع النجابة فيه عليه الصلاة والسلام. فبز العالم بكماله البشري.

وأما قول فرعون كما قص القرآن: (وما رب العالمين) فمن سفهه، والسفه سمة الوثنيين، لأنه لو كان غير سفيه ما عبر عن الرب بـ (ما) التي لغير العاقل. وقد قال علي رضي الله عنه:"تعرف المرء من فلتات لسانه" ولو تتبعت كلام الوثنيين الذي قصه القرآن وكلام الجن لوجدت أخبار السفهاء، وكيف جاء التوجيه في رد سفههم.

وأما كلمة (رب) فلها معنيان؛ كلاهما للعاقل: الأول؛ بمعنى المالك الذي ربّى ملكه فربَى له المال، بمعنى زاد نماؤه ارتفاعا حقيقيا كالمزارع والعقار، أو معنويا كالنقد يجمع ويكثر.

والثاني: بمعنى نشأ، وكقولهم: رب الأسرة للأب؛ فهو أنشأها وكفلها بالتربية والرعاية. والله أعلم

إن تأذن لي، أنصح لك بحثيا بالآتي:

أحسنت حين جمعت النصوص وأفردت كل نص بالمعنى، ولكن لو جعلت هذه مسودة فهرسة النصوص، ثم فهرسها بطريقة أخصر بأن تجمع ما تشابهت في المعنى المستنبط الواحد. ولا تختم الفقرة بسؤال بلا جواب، اقتضب السؤال وأجب بالتوضيح لقصدك ودليلك.

شكر الله لك وجزاك خير الجزاء وأتمنى لكم التوفيق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير