تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - علم الدين كما في قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ)

3 - علم الدنيا كما في قوله تعالى: (فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ) وعلوم الدنيا كثيرة فقد تطلق على اللغة كما في قوله: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) وتطلق على الصناعة كما في قوله: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ) وأحياناً يراد بها العلم الحسي كله كما في قوله: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)

وقد ذهب ابن عادل في تفسيره (اللباب في علوم الكتاب) إلى تعريف العلم واطلاقاته في القرآن مذهباً عجيباً؛ فزعم أن العلم في القرآن هو الآتي:-

1 - القرآن كما في قوله تعالى: (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ)

2 - النبي ( r) كما في قوله تعالى: (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ)

3 - الكيمياء كما في قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)

4 - الشرك كما في قوله تعالى: (فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ)

وهذا فيه نظر ولم يوافقه عليه أحد من العلماء للآتي:-

1 - إطلاق العلم على النبي ( r) ليس صحيحاً؛ إذ أراد الله ما جاء به النبي ( r) من الوحي والرسالة، ولم يرد شخص النبي ( r) منذ مولده، ولم يقل أحد من المفسرين - غير ابن عادل - أن المراد بالعلم هنا هو النبي ( r) وإنما قالوا المراد هو الوحي.

2 - إطلاق العلم على الكيمياء التي هي أشبه بالسحر عند الأقدمين فيه نظر؛ إذ ربما أراد قارون معرفته بالاقتصاد والمال وتوليده والتجارب للأمور التجارية والمعرفة بالمكاسب ووجوه التجارات. وليس المراد بالكيمياء عند الأقدمين ما نعرفه اليوم من علم وإنما المراد تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة كريمة، ولهذا رد ابن كثير هذا القول؛ فقال: (وقد رُوي عن بعضهم أنه أراد إنه] أي قارون [كان يعاني علم الكيمياء، وهذا القول ضعيف؛ لأن علم الكيمياء في نفسه علم باطل؛ لأن قلب الأعيان لا يقدر أحد عليها إلا الله عز وجل)

3 - إطلاق العلم على الشرك فيه غرابة شديدة؛ إذ لا يكون الشرك علماً؛ بل إنه لا يكون إلا جهلاً، وإنما أراد ما عندهم من العلوم الدنيوية. وذهب المفسرون مذهبا مختلفا عن مذهب ابن عادل وقالوا إنه يريد علمهم بأمور الدنيا، ومعرفتهم بتدبيرها.

ولهذا فإن العلم هو المعرفة بدقائق الامور سواء كان هذا العلم وحياً أو ما حوله من العلوم الدينية أو كان علوماً دنيوية باختلاف أنواعها وأشكالها، ومصادر هذا العلم هي الكون المحسوس والوحي المنزل.

أما تعريف العلم في الفكر الغربي فهو أضيق من ذلك، إذ يطلق لفظ "العلم" على الحقائق التجريبية أو التحليلية أما ما سوى ذلك من العلوم الدينية فهي عندهم بلا معنى. ولذلك فإن مفهوم (العلم) في الفكر الغربي غير مفهومه في الرؤية الإسلامية؛ إذ أن النظرة العلمانية التي استبعدت الوحي قد مرت بأطوار عديدة ثم استقرت على المرحلة الأخيرة التي حددت مفهوم العلم وفق ما تبلور في حلقة (فينا) في الثلاثينيات من القرن العشرين؛ فتم بذلك حصر الحقائق العلمية في الحقائق التجريبية والحقائق التحليلية فحسب.

ولهذا كان مفهوم العلم نفسه في الفكر الغربي يقوم على افتراضات فلسفية لا تستند على أي إثبات أو برهان؛ وإنما هي قناعات لفلاسفة العلم المعاصرين؛ ولهذا كان تصورهم للحقيقة يعتمد على قدرة الباحث على استخدام أساليب وأدوات المنهج التجريبي كالملاحظة والتجربة والقياس، وكل موضوع غير قابل لاستخدام أدوات التحقق التجريبي فهو بلا معنى.

ولعل مما يستغرب له عدم وجود تعريف دقيق مجمع عليه لـ"العلم"؛ فكثير من المصادر والقواميس تتحاشى تقديم تعريف محدد للعلم نظرًا لصعوبة هذا الأمر؛ وقد ذهب العلماء إلى صعوبة تعريف العلم، إلا أنهم أكدوا أن التعريف لا بد أن يتضمن شيئًا من (الطريقة العلمية)، أي الطريقة التي يتم التوصل بها إلى المعلومة العلمية التي من عناصرها الفرضية العلمية والتجربة والاستنتاج المبني على المشاهدة وقابلية الحصول على نفس النتيجة عند إعادة إجراء التجربة تحت الظروف المشابهة.

وما اختلف هذا المفهوم في الفكر الغربي إلا لاختلاف الفلسفات والمنطلقات، ومعلوم أن الغربيين حسب معطياتهم الدينية قد عدوا العلم في أول الأمر هو المعصية أو الخطيئة الأولى وقد جاء في سفر التكوين الإصحَاح الثَّالث: (فقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ) أما في الإسلام فإن العلم هو سبب التكريم لا سبب الطرد من الرحمة.

ولهذا فإن العلم لما انفصل عن النسق الديني في الفكر الغربي كانت له فلسفته ومفهومه اللذان يختلفان عن فلسفته ومفهومه في الإسلام؛ ولأجل ذلك كانت للعلم عندهم خصائص مختلفة؛ ومن ذلك الآتي:-

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير