ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:17 م]ـ
اتجاه ربط أصول العلوم بالقرآن:-
ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن القرآن قد ذكر أصول العلوم والصنائع التي تتعلق بحياة الناس؛ فذهب الإمام السيوطي إلى أن أصول الهندسة في قوله تعالى: (انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ) وأن أصول الحدادة في قوله تعالى: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) و أن أصول الغزل في قوله: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا) و أن أصول النسيج في قوله: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا) و أن أصول الفلاحة في قوله: (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ) و أن أصول الغوص في قوله: (وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ) و أن أصول الصياغة في قوله: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ) و أن أصول الفخارة في قوله: (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا) و أن أصول الملاحة في قوله: (السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) ونحو ذلك.
وذكر القرطبي أن بعض من طعن في الدين قال: إن اللّه تعالى يقول في كتابكم: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) فأين ذكر التوابل المصلحة للطعام من الملح والفلفل وغير ذلك؟ فقيل له في قوله: (بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ)
وذكر الشيخ الشعراوي أن الشيخ محمد عبده سأله بعض المستشرقين: تقولون في القرآن (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ) فهات لي من القرآن: كم رغيفاً في إردب القمح؟ فما كان من الشيخ إلا أن أرسل لأحد الخبازين وسأله هذا السؤال فأجابه: في الإردب كذا رغيف. فاعترض السائل: أريد من القرآن!؛ فردَّ الشيخ: هذا من القرآن؛ لأنه يقول: (فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:18 م]ـ
اتجاه ربط العلوم بمقاصد القرآن:-
ويمثل هذا الاتجاه الإمامان أبو حامد الغزالي قديماً والإمام محمد الطاهر ابن عاشور حديثاً، وقد بيّن الغزالي في كتابه (جواهر القرآن) مقاصد القرآن، وقسمها إلى التعريف بالمدعو إليه (الله) والتعريف بالصراط المستقيم وتعريف الحال عند الوصول إلى الله وأحوال السالكين والناكبين ومحاجة الكفار ومجادلتهم وتعريف عمارة منازل الطريق (الدنيا)، وتكمن عمارة الدنيا عنده في حفظ النفس والنسل والمال وأسباب المعيشة والديانة وضبط السياسات الدينية، وعلى هذا الأساس بيّن انشعاب العلوم من هذه المقاصد وقسمها إلى قسمين هما:-
1 - علوم الصدف والكسوة (اللغة والنحو والقراءات والتفسير ومخارج الحروف)
2 - علوم اللباب وهي عنده طبقتان؛هي:
- الطبقة السفلى (القصص ومحاجة الكفار والمبتدعة وعلم الحدود الموضوعة للاختصاص بالأموال والنساء)
- الطبقة العليا (معرفة الله واليوم الآخر والعلم بالطريق المستقيم وطريق السلوك)
ثم ذكر أن هنالك أنواعاً من العلوم ليست لها صلة مباشرة بهذة المقاصد وإنما هي مغترفة من بحار معرفة الله.
أما ابن عاشور فقد بيّن مقاصد القرآن وقسمها، ولما كان المقصد الأعلى من القرآن عنده هو صلاح الأحوال الفردية والجماعية والعمرانية ولما كان الكل لا يصلح إلا بصلاح أجزائه – فقد ربط ذلك بنوعين من العلوم هما:-
- علم المعاملات (السياسة المدنية) كما سماه
- علم العمران (الاجتماع)
وذلك لأن الصلاح العمراني عنده هو حفظ نظام العالم الإسلامي وضبط التصرفات بما يحفظ مصالح الجميع.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:19 م]ـ
تعليق على هذه الاتجاهات:-
من الملاحظ أن هذه الاتجاهات ليست على درجة واحدة من الدقة؛ إذ أن منها المتوازن ومنها المبالغ؛ إلا أنها جميعاً فيها شيء من الصحة بصورة عامة من جانب وفيها شئ يحتاج إلى تصحيح وتدقيق؛ ولا نقصد بالصحة صحة المعالجات في كل الأحوال، ولأجل ذلك سوف ننظر إليها جميعاً في إطار ضابطين مهمين هما:
أ - طبيعة العلوم التي يراد ربطها بالقرآن
ب - طبيعة تعبير القرآن عن معطيات هذه العلوم؛ وتفصيل ذلك في الآتي
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:20 م]ـ
¥