تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد اشتمل هذا التفسير [أي: فتح القدير] على جميع ما تدعو إليه الحاجة منه مما يتعلق بالتفسير، مع اختصار لما تكرر لفظا واتحد معنى بقولي: ومثله أو نحوه. وضممت إلى ذلك فوائد لم يشتمل عليها وجدتها في غيره من تفاسير علماء الرواية، أو من الفوائد التي لاحت لي من تصحيح أو تحسين أو تضعيف أو تعقب أو جمع أو ترجيح.)

والجديد في الجمع بين النوعين عند الإمام الشوكاني هو الطريقة التي سلكها في تفسيره، وهي تمييزه للنوعين عن بعضهما، وفصله لكل منها عن الآخر، حيث يبدأ بالتفسير بالدراية للمقطع المراد تفسيره، فيفسره تفسيراً تحليلياً يعتمد فيه على ما ذكره أئمة التفسير قبله في بيان معنى الآية، وأكثره مأخوذ من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، مع زيادات من تفاسير أخرى.

فإذا انتهى من التفسير بهذه الطريقة التي تقوم على التحليل والدراية – كما تسمى – يبدأ في ذكر الأحاديث والآثار المروية في تفسير هذا المقطع، وهذا النوع ينقله من الدر المأثور للسيوطي مع شيئ يسير من الاختصار والإضافة.

وهذه الطريقة المبتكرة التي سلكها الشوكاني لها محاسن وعيوب، ومن محاسنها:

سهولة الرجوع لكل نوع لمن أراد أن يقتصر عليه.

يمكن الاستفادة منها في بعض التطبيقات التعليمية عند تدريس التفسير، وذلك بالنظر في النوعين، وعمل مقارنة بينهما من عدة جهات. ولذلك فإن هذا الكتاب من الكتب المناسبة في التدريس، وهذا هو الواقع، فهو المقرر في مادة التفسير في عدد من الكليات الشرعية.

وأما عيوب هذه الطريقة، فمنها:

أنها قد توهم الناظر فيها بأن هذين النوعين متغايران ومفصولان عن بعضهما. مع أنهما متداخلان ولا ينفك أحدهما عن الآخر. [ينظر هذا الموضع ففيه فوائد وتنبيهات مهمة تتعلق بهذه المسألة ما الفرق بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي؟ ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=52)]

أن هذا الفصلَ جعل المفسر يترك ذكر أسباب النزول عند التفسير بالدراية، لأنها ستذكر في قسم الرواية، وكذلك أقوال السلف التي لها أهمية في إيضاح المعنى، وهذا له تأثير سلبي في فهم المعنى، ويفقد التفسير الكثير من الأقوال المهمة والجديرة بالذكر، خاصة أن الكثير ممن يقرأون في هذا الكتاب يقتصرون على قسم الدراية، وخاصة عند دراسته كمقرر.

ومن العيوب كذلك أن هذه الطريقة جعلت المؤلف يترك التعليق على كثير من الآثار التي تأتي في قسم الرواية، وهي بحاجة إلى تعليق وإيضاح، وسبب ذلك أن المؤلف قد أفرغ وسعه في قسم الدراية، وكذلك ظنه أن ما سبق يكفي ويغني عن التعليق على الآثار.

والعيب الأشد في نظري هو تقديم الدراية على الرواية، مما جعل المؤلف يكثر من الإحالات على المتأخر بقوله: سيأتي، وسيأتي. ولو أنه قدم الروايات لأراح واستراح، ولقدم ما ينبغي تقديمه. فالأصل أن المتأخر يعتمد على من قبله، وأن الكثير من التفسير إنما يعتمد على الرواية، وما ثبت عن الصحابة والتابعين؛ فهم أعلم الناس بالتفسير. فكيف تقدم أقوال من بعدهم على أقوالهم؟!

ولذلك؛ أقترح أن يقوم أحد الباحثين المتخصصين بتقريب لهذا التفسير، وتهذيب له بحيث يجعل قسم الرواية سابقاً لقسم الدراية. مع أمور أخرى تحتاج إلى تهذيب واختصار وتنبيه. والله أعلم.

ـ[أبو حسان]ــــــــ[09 Feb 2010, 05:02 م]ـ

تبين من خلال ما سبق أن المؤلف قصد بتفسيره هذا الجمع بين التفسير الوارد عن السلف، وهو المسمى "بالرواية"، والتفسير الذي تقتضيه اللغة، وتفيده علوم الآلة، وهو المسمى "بالدراية"، لأن كل واحد من هذين النوعين مكمل للآخر، بل لا يغني أحدهما عن الآخر لمن أراد معرفة التفسير، والتمكن منه.

ومن الأسباب التي ذكرها لضرورة الجمع بين النوعين: أن التفسير المنقول عن السلف لا يشمل جميع المعاني، لأن المفسر من السلف كثيراً ما يقتصر في تفسيره للآية على معنى من المعاني التي دلّ عليها اللفظ، مع أن هذا اللفظ من حيث اللغة يدل على معانٍ أخرى، قال رحمه الله: (كثيرا ما يقتصر الصحابي ومن بعده من السلف على وجه واحد مما يقتضيه النظم القرآني باعتبار المعنى اللغوي، ومعلوم أن ذلك لا يستلزم إهمال سائر المعاني التي تفيدها اللغة العربية، ولا إهمال ما يستفاد من العلوم التي تتبين بها دقائق العربية وأسرارها، كعلم المعاني والبيان؛ فإن التفسير بذلك هو تفسير باللغة، لا تفسير

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير