تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وصلتني اليوم رسالة من الأهل من الأخ سالم، وهي تحمل إخباراً سارة خفق القلب لها، ويكفي أنها من الأهل من هناك حيث يهفو القلب دائماً , الوالد والوالدة قد عادا من الحج – أمد الله بعمرهما مع صالح الأعمال – وخبر آخر وهو أن الأخ سالم قد رزق بولد قبل أيام، وهو يريد أن يأخذ رأيي بالاسم، وأنه سماه مبدئياً (منظور) وإنني أعيش منذ أكثر من شهر مع ابن منظور صاحب لسان العرب، فأضحى هذا الاسم عندي مألوفاً مع ما فيه من إخفاء النون , أيضاً وصلتني أمس رسالة من الأخ سفر وكان كل ما في الرسالتين جميل الوقع لا زلت استعيد قراءتهما وأتذكر حال الأهل ... وقد ورد في إحدى الرسالتين أن مطر العراق هذه السنة غزير جدا وأن الناس يتطلعون إلى سنة خصب وخير , وورد أن البرد في العراق يشتد ويشتد وأن الموجة التي اجتاحت الشرق الأوسط في الأسبوع الماضي قد كان للعراق منها نصيب كبير , هنا في القاهرة قد برد الجو في المساء برداً شديداً (بقياس أهل مصر) وذُكِرَ في الصحف أن البرد سيستمر عدة أيام بعد حدوث منخفض جوي آخر في شرق البحر الأبيض المتوسط , والحق أن البرد هنا لا يقاس على البرد في العراق , البرد هنا محتمل تلوذ بركن يحميك، أو تلتف بفراش فيحميك، درجة الحرارة الصغرى فوق الصفر دائماً، بل هي لا تقل عن سبعة وثمانية، والعظمى تقرب من العشرين إلا في الأيام القليلة الماضية فقد انخفضت قليلاً، الآن الجو بارد ولكن الأمطار انقطعت والشوارع جفت.

من آثار انقطاع الشغالة

الاثنين 21 كانون الثاني 1974م = 29 ذو الحجة 1393هـ

من الأسبوع الماضي ونحن لا نزال بدون شغالة , وقد بدأ ذلك يلقي ظلاله على جو البيت، والأوساخ تتراكم هنا وهناك، ووجبات الطعام أضحت قلقة , في الصباح كنت منزوياً أقرأ شيئاً وأفكر بالفطور، وعمل الفطور لا يكلف أكثر من وضع الكتلي (البراد) على النار , كان الأخ خليل يسبقني في أكثر الأحيان إلى عمل الفطور، فأقوم أنا بتنظيف الأواني , اليوم صباحاً كان هو يضع الكتلي على النار ودخلت المطبخ وإذا به ينفجر بالكلام على غير توقع مني، لماذا لا تعمل لنا الفطور، وإذا به جاد بكلامه ويمضي يقول: " لِگِيت لك واحد إيسويلك فطور " فَبُهِتُّ وأُسقط في يدي، وكنت أحاول أن أخفف من هذه الضجة الفارغة لأنها لا ترتكز على شيء لأن عمل الفطور لا يكلفني شيء لا بل إن غسل (الكتلي) وأكواب الشاي أكثر صعوبة من عمل الفطور، ولم آكل من الفطور إلا القليل و ارتميت جانباً وبدأت الأفكار تتداعى من قديم وجديد، وكنت قد اعتدت أن انصرف للقراءة بعد الفطور ولكني لم أجد الهمة في نفسي، وظللت حتى حملت نفسي على الخروج من البيت، وذهبت إلى الجامعة ومنها إلى الكلية، وقضيت بعض الأشغال، وتناولت الغداء في مطعم، وحضرت محاضرة اللغة الانكليزية وعدت إلى البيت مع الغروب بعد الساعة الخامسة، ولكن بدأ يَقِرُّ في نفسي شيء, وعليه فقلت آكل شيئاً كوجبة العشاء وأكلت وعدت إلى البيت، وحين أحضر الأخ خليل الطعام ودعاني قلت أنا لا آكل من طعام لا تصنعه يدي!! المهم أني حريص على عدم تعكير الجو، ولكن كان ذلك رغماً عني.

تفاهم

الثلاثاء 22 كانون الثاني 1974م = 29 ذو الحجة 1393هـ

بعد أزمة الأمس , جرى حوار حول الأمر، وبدأ كل جانب يبدي تنازلاته ولو أن الأمر من مبدئه لا يمكن أن يكون محور مشكلة , وعادت بعد ذلك الأمور إلى مجراها الطبيعي تقريباً , لأن الشغالة اعتذرت عن المجيء بعد تحقق مجيء زوجها , وهذا مما سبب بعض المتاعب التي قد تخلف بعض الرواسب في النفوس تظهر أحياناً وتعكر الصفو كما ظهرت بالأمس , وجرى الاتفاق ضمناً على أن أقوم بتنظيف المواعين والأخ خليل يقوم بالطبخ لأنه يعرفه أكثر مني , ونتيجة لانقطاع الشغالة فإنني أقوم بغسل ملابسي بيدي حتى يجعل الله للأمر مخرجا , وقد وصينا الأخ مجاهد على شغالة عن طريق شغالتهم , ونحن بانتظار الأمر.

مناقشة رسالة

الثلاثاء 29 كانون الثاني 1974م = 6 محرم 1394هـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير