تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولما عمت بها البلية وعظمت بسببها الرزية بحيث لا يعرف أكثر الناس سواها ولا يعدون العلم إلا إياها فطالب الحق من مظانه لديهم مفتون ومؤثره على ما سواه عندهم مغبون نصبوا لمن خالفهم في طريقتهم الحبائل وبغوا له الغوائل ورموه عن قوس الجهل والبغي والعناد وقالوا لإخوانهم (إنا نخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26).

فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة ألا يلتفت إلى هؤلاء ولا يرضى لها بما لديهم وإذا رفع له علم السنة النبوية شمر إليه ولم يحبس نفسه عليهم فما هي إلا ساعة حتى يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور وتتساوى أقدام الخلائق في القيام لله وينظر كل عبد ما قدمت يداه ويقع التمييز بين المحقين والمبطلين ويعلم المعرضون عن كتاب ربهم وسنة نبيهم أنهم كانوا كاذبين. (أعلام الموقعين 1/ 6 ـ 11).

وقال رحمه الله: فليتأمل اللبيب الفاضل ماذا يعود إليه نصر المقالات والتعصب لها والتزام لوازمها وإحسان الظن بأربابها بحيث يرى مساويهم محاسن وإساءة الظن بخصومهم بحيث يرى محاسنهم مساوي كم أفسد هذا السلوك من فطرة وصاحبها من الذين (يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون) (المجادلة: 18) , ولا يتعجب من هذا فإن مرآة القلب لا يزال يتنفس فيها حتى يستحكم صداؤها فليس ببدع لها أن ترى الأشياء على خلاف ما هي عليه فمبدأ الهدى والفلاح صقال تلك المرآة ومنع الهوى من التنفس فيها وفتح عين البصيرة في أقوال من يسيء الظن بهم كما يقبحها في أقوال من يحسن الظن به وقيامك لله وشهادتك بالقسط وأن لا يحملك بغض منازعيك وخصومك على جحد دينهم وتقبيح محاسنهم وترك العدل فيهم فإن الله لا يعتد بتعب من هذا ثناه ولا يجدي علمه نفعا أحوج ما يكون إليه والله يحب المقسطين ولا يحب الظالمين. (مفتاح دار السعادة 2/ 75 ـ 76).

وهذه مقدمة مهمة لابد منها قبل الشروع فيما قاله فضيلة الدكتور والرد عليه , حتى ينتفي التعصب له أو عليه من مشاركتنا أو مشاركات إخواننا وهذا يعلمنا أمرا مهما طالما نص عليه الأئمة وقد افتقدناه من بيننا في أيامنا هذه وقد أجمعت عليه الأمة (كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم)

والدكتور المقصود هنا هو فضيلة الدكتور أيمن سويد حفظه الله ونحن لا نتعرض لشخصه بشيء وإنما نتناول ما نشره في كتبه كما تناول تلاميذه ما كتبه من هو أعظم من الكتور كابن الجزري وغيره , بل الدكتور نفسه قد تناول كلام من هو من مشايخه وأئمته بالنقد والرد ولا غضاضة في ذلك إذا كان بعدل وإنصاف , فلا غضاضة أن يتناول كلام الدكتور بالنقد والرد من يملك الدليل على خطئه , ولا تعارض بين حبنا وتقديرنا لفضيلة الدكتور وبين أن نقول: أخطأ الدكتور, ولولا أن قوله هذا في كتاب منشور متداول ما رددنا عليه ولا نشرنا ذلك , فنحن نخالف الدكتور ولكن نحترمه ونرد عليه بعدل وإنصاف إن شاء الله.

قال فضيلة الدكتور عن الوحي:إن نقل المعلومات من ملك نوراني إلى بشر من لحم ودم ليس بالأمر المعتاد بين الناس , ولا هو من أساليب التعلم التقليدية , بل هو كيفية اسمها (الوحي) لا يعرفها حق معرفتها إلا من عاناها , والذي نعرفه عنها أنها تفريغ معلومات من الملك إلى روح الموحى إليه مباشرة من غير مرور على الأذن أو العين البشريتين.ولعل أقرب شيء نستطيع أن نشبه به ظاهرة الوحي هو الرؤيا المنامية التي تحدث لكل واحد منا في النوم فترى فيه الروح وتسمع ولكن من غير استعمال الأذن والعين , ولعل مما يدل على ذلك قوله تعالى (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) وقوله (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين).

إذن فالقرآن العظيم كان ينزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم لا على أذنه وقلبه , وهو الوحي كما ذكرنا , قال صلى الله عليه وسلم واصفا تلك الحالة: (أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس – وهو أشده علي – فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال). أ - هـ

(تلقي القرءان الكريم عبر العصور مفهومه وضوابطه) (ص 4 - 5) طبع دار الغوثاني الطبعة الأولى سنة 1429 هـ - 2008 م , وعندما قرأت هذا الكلام العجيب الغريب حسبت الشيخ كتبه في أول حياته العلمية فقد يهون حينئذ الأمر وقد يلتمس بذلك له العذر , ولكني وجدته يؤرخ في آخر كتابه (جدة 19 شوال 1427 الجمعة 10/ 11 / 2006 م , فماذا يقول إخواننا الكرام في هذا القول العظيم الذي ينفي سماع النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن بأذنه؟

وقال فضيلة الدكتور عن فضيلة الشيخ عامر وهو من شيوخه وأئمته:

3 - ومن ذلك ما فعله أحد الشيوخ المعاصرين من قياسه إخفاء الميم عند الباء على إخفاء النون عند حروفها الخمسة عشر , فبدا له أنه يجب عدم إطباق الشفتين عند نطق الميم المخفاة قياسا على أننا لا نعمل طرف اللسان عند إخفاء النون في نحو (أنزل) و (الإنسان) و (أنفسكم) وهي شبهة قوية سببها القياس بعيدا عن التلقي المنطوق وليس هذا مجال تفنيدها.قال إمامنا الشاطبي رحمه الله تعالى:

((وما لقياس في القراءة مدخل)

وقال الإمام ابن الجزري بعد أن بين القياس الصحيح من غيره: ((وقد زل بسبب ذلك قوم وأطلقوا قياس ما لا يروى على ما روي , وما له وجه ضعيف على الوجه القوي , كأخذ بعض الأغبياء بإظهار الميم المقلوبة من النون والتنوين , وقطع بعض القراء بترقيق الراء الساكنة قبل الكسرة والياء , وإجازة بعض من بلغنا عنه ترقيق لام الجلالة تبعا لترقيق الراء من (ذكر الله) إلى غير ذلك .. مما سلكنا فيه طريق السلف , ولم نعدل فيه إلى تمويه الخلف)) اهـ. (النشر 1/ 18) اهـ (تلقي القرءان الكريم عبر العصور مفهومه وضوابطه) (ص 27 - 28) طبع دار الغوثاني الطبعة الأولى سنة 1429 هـ - 2008 م ,

فهل هذا يليق من فضيلة الدكتور؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير