تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بعدَ أن بيّنتُ لك حقيقة ما ادعيته - أنت - أخطاءً للصحابة في تفسير آيات القرآن، و أنها مِن شُبَه نُفاة اِتِباع أقوال الصحابة؛ كما حكاه ابن القيم في " إعلام الموقعين "، و كما أقمتُ الدليل على موافقة مثالٍ منها للحديث الصحيح المتفق عليه، و أنك تلتقط الكلام بغير تبَصّرٍ بموضعه - عُدْتَ تسأل، و تقول:

(حسنا يا دكتور أبا بكر:

ما رأيك بهذا الفهم من عدي بن حاتم رضي الله عنه حيث قال: «لما أنزلت هذه الآية {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} عمدت إلى عقالين أحدهما أسود والآخر أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر إليهما فلا يتبين لي الأبيض من الأسود، فلما أصبحت غدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بالذي صنعت فقال: إن وسادك إذا لعريض، إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل».

ما توجيهك له؟). أهـ[المشاركة رقم 18]

و سألتك عنه؛ فقلتْ:

و هو كذلك - أخي - و لم يكن خافياً عليّ، و لكني أردتُ سماع جوابه منك؛ لإقامة الحجّة عليك في تتبعك للمشتبهات هاهنا، و للشبهات هناك، و البحث في الأقوال والأدلة بغرض الاستظهار لقولٍ قِيل، لا بغرض الاستبصار بالدليل!


- و بيان ذلك:
قولك إن ذلك الحديث أصله في البخاري: لا خلاف فيه
و قد استشهدتَ أنت به في التدليل على أخطاء الصحابة رضوان الله عليه في التفسير، و سألتني عن رأيي بذلك الذي فهمه الصحابي عدي بن حاتم من الحديث؟

- و أقول: و مَن أكون حتي يكون لي حكمٌ في تفاسير الصحابة للقرآن الكريم؟!
، و هم الذين عايشوا و صاحبوا النبي صلى الله عليه و سلم، و شهدوا و عاصروا التنزيل، فضلاً عما تميّزوا به عنا بأشياء كثيرة، ذكرها ابن القيم في " إعلام الموقعين "

و تسأل عن توجيه ما فهمه عديّ رضي الله عنه؟
، و الجواب موجودٌ في " صحيح البخاري "، الذي ذكرتً أنت أن لذلك الحديث أصلاً فيه، و هذا صحيحٌ لا نزاع فيه.

و العجب منك أن توجيهه موجودٌ في نفس الباب الذي فيه ذلك الحديث الأصل، بَعْدَه مباشرة، في (كتاب الصوم)
و كذا بعده بحديث، في (كتاب التفسير)؛ كلاهما: (باب قول الله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل) [البقرة: 187])

- و توجيهه فيه: أن الصحابي عديّ بن حاتم فهمَ أن المراد بـ {الخيط الأبيض}، و {الخيط الأسود}: حقيقته و ظاهره؛ إذ لم يكن قد نزل قوله تعالى: {من الفجر} بعْدْ

أخرج الإمام البخاري في " صحيحه "، في كتاب الصوم:
1917 - (حدثنا سعيد بن أبى مريم، حدثنا ابن أبى حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد ح. حدثنى سعيد بن أبى مريم، حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف، قال: حدثنى أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: أُنزِلتْ: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود}، ولم ينزل: {من الفجر}، فكان رجالٌ إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم فى رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد: {من الفجر}. فعلموا أنه إنما يعنى الليل والنهار). أهـ

و أخرجه في كتاب التفسير من " صحيحه "؛ قال:
4511 - (حدثنا ابن أبى مريم حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف حدثنى أبو حازم عن سهل بن سعد قال: وأُنزِلتْ: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود)، ولم ينزل: (من الفجر)، وكان رجالٌ إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم فى رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعده (من الفجر) فعلموا أنما يعنى الليل من النهار). أهـ

- و الحديث أخرجه مسلم في " صحيحه " أيضا؛ فهو حديث صحيحٌ أخرجه الشيخان، و تلقّته الأُمة بالقبول.

* * *

- و في تفصيل ذلك؛ قال الإمام أبو بكر الجصاص (370 هـ) - في " أحكام القرآن " -:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير