تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صورة حديثة للشيخ حافظ سلامة من الإنترنت

دعوة الاحتياط

الأحد 7 نيسان 1974 = 14 ربيع الأول 1394هـ

أثار في نفسي مشاعر القلق على المستقبل البيان الذي سمعت أنه أعلن في العراق باستدعاء كافة قوات الاحتياط، أولاً لأن ذلك يعني أن شيئاً ما سيحدث، ولا شك أنه حدث عظيم أي أنه فظيع ودموي يحتاج إلى مزيد من الدماء لا تكفيه دماء هذه الأعداد من القوات النظامية الموجودة فعلاً في الخدمة، بل لا بد من استعداد قوات إضافية، وهي قوات الاحتياط كافة, وثانياً يعني أن بعض أحبتي سيشملهم هذا البيان، أو ربما يشملهم , الأخ سفر ضابط احتياط، وهو إذا عاد إلى الجيش فإن المكان الذي ربما يذهب إليه هو بنجوين في أقصى الشمال الشرقي من العراق على حدود إيران، المكان الذي قضى فيه شتاء 67/ 1968 عندما كان ضابط احتياط , الأخ سالم ربما يشمله هذا، وأخي صالح كان جندياً، ربما يشمله هذا الاحتياط، وأنا أيضاً هنا من بعيد ربما يشملني، ولكني على ما يبدو بعيد، ماذا لو تم ذلك وخلا البيت من رجاله، لا يقلقني إلا حال الوالدة التي قد تفجع ببنيها الأربع وهم ينأون عنها , إن الموت لا يخيف المسلم، ولكن الموت في سبيل الباطل خسارة ربما في الدنيا والآخرة، وعلى كل فأنا أدعو الله تعالى أن يجنبنا شر هذه الفتنة ويجنب كل مسلم شرها، وأن يجعل بؤسها على من سعى في إيقاد جذوتها.

مشكلة في المطبخ

الأحد 28 نيسان 1974 = 6 ربيع الثاني 1394هـ

كان من المتوقع ألا تجيء اليوم الشغالة , وعلى هذا فقد اتفقنا على أن نشتري دجاجة مشوية للغداء من الجمعية , كانت لدي اليوم محاضرة في الساعة الرابعة عصراً , على هذا مكثت في الصباح في البيت لمراجعة بعض الموضوعات , وخرجت وقت صلاة الظهر إلى الجامع القريب، ومن هناك ذهبت إلى الجمعية الاستهلاكية لشراء دجاجة مشوية، ولكن وجدتهم قد فككوا الفرن الخاص بِشَيِّ الدجاج، وقالوا إنه ليس هناك دجاج إلا بعد الظهر , رجعت إلى البيت , وفكرت في عمل غداء , وقلت في نفسي لو انتظرت الأخ خليل حتى نعمل شيئاً يمكن أن نسد به الرمق , وضعت البطاطا على النار، وأخرجت اللحم من الثلاجة , وقد عاد الأخ خليل في الساعة الواحدة والنصف , وحين فهم الأمر وعلم أني لم أفعل شيئاً للغداء , كرر نفس المشهد الذي رأيته منه عدة مرات في العهود السابقة , عَبَسَ وأخذ يتكلم بكلام لا يخلو من غلظة، ورَدَّدَ أكثر من مرة " كم مرة غديتك وكم مرة عشيتك"، فكانت هذه الكلمات مُدًى تخترق صدري , ماذا لو أنه عشاني فعلاً أو غداني فعلا من جيبه؟ مجرد أنه كان يقف بالطبخ، وأنا واقف إلى جانبه في المطبخ، وأنا أنظف المواعين غالباً، وأنا أقوم بالأعمال الصغيرة، وأنا أجلب هذا وذاك، ولا أرى في ترديد مثل هذه الأمور إلا جهالة وقصوراً، وأخيرا بدأت تستقر في نفسي حقيقة أرجو إلا تكون هي الحقيقة, وهي أن علاقتي بخليل عادية، وأنني وإياه إنما نسكن سوية ليخفف بعضنا عن بعض المصاريف، ويا لها من خيبة أمل، ولكن ربما كنت واهماً.

هزة أرضية

الاثنين 29 نيسان 1974 = 7 ربيع الثاني 1394هـ

زارنا الأخ هاشم، صديق الأخ خليل، وهو من بغداد ولديه دورة هنا للتدريب، وهو يوشك أن يسافر عائداً إلى العراق بعد إكمال الدورة، ووعدنا أن يزورنا قبل سفره , وقد حضر الليلة، وبعد أن جلس عندنا ساعة أو أكثر أخذ ما كتبنا من رسائل ليوصلها هو في بغداد إلى من أرسلت لهم , وعندما قام من مجلسه وفتحنا له الباب، كان هو واقفاً أمام المصعد والأخ خليل قريب منه، وأنا واقف بباب الشقة , وما شعرنا إلا والأرض تظلم في أعيننا، وشعرت بأن قلبي قد انخلع، البناء يهتز هزات عنيفة، وكأني كنت أنتظر في تلك اللحظات تداعى الجدران على رؤوسنا، ولم أملك إلا أن أردد يا ستار يا ستار ما شاء لي الموقف, وبعد لحظات انجلى الموقف وتبين أنه زلزال ضرب القاهرة، وكان قوياً بحيث يوشك الواقف على الأرض أن يسقط، وظهرت أخبار هذا الزلزال الذي ضرب الوجه البحري مما فوق القاهرة إلى الإسكندرية على صفحات الجرائد. وقد ذُكِرَ أنه لم يُحْدِثْ أضراراً تُذْكَرُ سوى تصدع جدران ثلاث منازل , ولكن كم كان هلع الناس عظيماً، خرجت أنا والأخ خليل إلى الحديقة أمام العمارة لفترة ثم عدنا، وقد ترك هذا الحادث في نفسي إدراكاً قوياً

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير