تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كان هذا اليوم خاتمة رحلة عبر مستشفى جامعة القاهرة، رحلة مادية ومعنوية، فقد راجعت المستشفى منذ يوم 17/ 4/1974 ومنذ ذلك الحين إلى اليوم لا يمر أسبوع إلا ذهبت مرتين أو أكثر، ويوماً الطبيب غير موجود، ويوماً الأشعة لم يكتب تقريرها , كان المفروض أن أدخل المستشفى يوم 20 أي قبل أسبوع، ثم أُجِّلَ إلى هذا اليوم، ومنذ الصباح الباكر رحت أجمع نفسي وتركت في البيت الحقيبة مملوءة بما أحتاجه لكي أرجع بعد الظهر وآخذها , وصلت المستشفى قبل وصول الأطباء , وجدت د. شريف وكيل المدير على ما يبدو , قال: اذهب إلى الدكتور عمر , وهذا: روح للاستقبال، وفي الاستقبال: روح إلى د. أشرف في السكن، وانتظر هذا الدكتور حتى يخرج من السكن، وبعد وقفة هنا وجلسة هناك التقيت بالدكتور أشرف، وضم إلى الورقة التي أحملها ورقتين، وقاس الضغط والحرارة والنبض وأمور شكلية , وقالوا لي اصعد الدور الأخير , وهناك بحثت عن المسؤول فإذا هي مسؤولة , ممرضة ضخمة قد عَرَفَتْ كل ما يحتاج إليه عملها، وكل ما يمكن أن يتيح لها ذلك العمل من استغلال، وعَيَّنَتْ لي المكان غرفة 3 سرير2 , وسألتني إن كنت قد جلبت أمتعتي , فطلبت إذناً بالذهاب إلى البيت لأعود بها وذهبت , الساعة بعد الواحدة عدت من البيت إلى المستشفى، وإذا بأول خبر أن المكان صار غرفة 9 سرير 1 ودخلت , غرفة صغيرة فيها سريران، ورجل ممدد أو شاب أسمر أهلب اللحية، مرسل شعر الرأس على طريقة الخنافس، وجلست على طرف السرير أردد النَّفَس لأستريح , وما راعني إلا هذه الملاية (الغطاء) التي تزين السرير، بقع سوداء ووساخة تكرب الأرواح، طلبت تبديلها، قالوا أمسِ بُدِّلَتْ، وبعد أخذ ورد رفضوا تبديلها , وما يفيدها أنها أمس بُدِّلَتْ وهي لا تصلح إلا أن ترمى في مزبلة , وجلست مرة أخرى أفكر في الأمر سألت هذه المريض الممد قريباً مني , ما بك يا أخي , فقال: مصاب بالتيفو , التيفو! كالصاعقة سمعت وبدأت أسترجع ذكرياتي عن مرض التيفو ومن أصيبوا به , وكان بادياً عليه أنه يتألم من رجله , سألته ما أمر ساقك , قال: ألم في رجلي نتيجة انتكاسة من أثر التيفو , وكم مضى لك مع مرض التيفو , خمسة عشر يوما , وبدأت الأرض تدور بي، وجئت لأستشفي من مرض لأقع في آخر، هكذا تصورت الأمر وما ذاك فراراً من قدر الله , أستغفر الله , ولكن أخذ يرن في أذني الحديث الشريف (فِرَّ من المجذوم) , وخرجت من الغرفة وسألت الممرضة عن وجود مكان آخر فقالت إنه المكان الوحيد، فقلت لها ائذنوا إلى أن أذهب لأجلب ملاية للسير من البيت إذا لم تغيروها، فقالت لك ذلك , وفكرت في ترك الحقيبة لأعود فعلاً , ولكن تجمعت في نفسي ظلال الموقف فسحبت الحقيبة، وقد قررت ألا أعود إلى المستشفى، وعدت إلى البيت وقررت ألا أفكر في هذا الموضوع، لأنه مرض قديم وهو أحسن حالاً الآن من بعض حالات مضت , ولكني لن أهمله ولكن أرجئه , وكان الطبيب قد طلب مني أن أرجئ إجراء العملية إلى ما بعد الامتحان ولكني قلت أستفيد من الوقت , عدت إلى البيت وكأني قد رميت عن ظهري ثقلاً فاسترحت منه , وارتاحت نفسي لهذا الأمر، وبدأت أفكر من جديد بالدروس وما يجب أن أفعله , وبعد أن عدت إلى البيت واسترحت قليلاً كان علي أن أذهب إلى ثلاثة نفر أخبرهم بالأمر، منهم الأخ د. حسام الذي طلبت منه أن يحضر العملية، والأخ جاسم الذي أخبرني أنه سُيحْضِرُ بسيارته الأخ حسام والأخ خليل، وبعد ذلك الأستاذ توفيق رشيد أبو سعد , وفعلاً فقد قضيت عصر الأحد بل حتى العاشرة مساءً وأنا أدور عليهم لأخبرهم أن العملية تأجلت، ولم أحدثهم بهذا الذي جرى لي، وما قررت في شأن ذلك، وأدعو الله أن ييسر، وأن يسترنا بستره الجميل (2).

انتهاء المحاضرات

مذكرات آخر شهر مايس 1974

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير