تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بذلك إلا بعد العملية، فإن عدت إليهم جثة هامدة فذلك قدر الله، وأظنهم سيحتملونه، وإن نجحتْ أخبرتهم بعد تحسن حالتي الصحية , والله المستعان.

بعد أن خرجت من المستشفى لانتظار يوم الاثنين القادم ذهبت إلى الكلية وحضرت مناقشة رسالة الماجستير (قضية فلسطين في الشعر العراقي الحديث) المقدمة من قبل السيد رشيد نعمان التكريتي أبو مجاهد , وهو خريج كلية الشريعة من قديم، ودخل الجيش ضابط احتياط، وهو الآن رائد يعمل في مديرية التجنيد وقد حصل على الماجستير بتقدير جيد جداً، وربما مكث هنا أياما ليسجل على الدكتوراه.

أزمة الدولاب

الجمعة 24 مايس 1974 = 2 جمادى الأولى 1394هـ

كان الوقت بعد الثانية عشرة منتصف الليل , كنت أحاول أن أكمل بعض الأمور التي كنت قد بدأت بقراءتها، وكان الأخ خليل قد ذهب إلى غرفته لينام , ولكنه عاد مرة أخرى ليقول لي ما معناه إنك تحاول أن تضيق علي في الدواليب , وهي في غرفتي، واستغربت من الأمر، فإذا هو غضبان من اشتراكنا في وضع بعض المواد في دولاب واحد أنا وضعت (اللحاف) بعد أن حَرَّتِ الدنيا في زاوية من الدولاب الذي يضع فيه حقائبه , ولكن ما يثير في الأمر أنه قبل عدة أيام استضافنا أحد الإخوة من العراق وهو أحمد الراوي، على معرفة الأخ خليل، فاستضفناه ونزل في غرفتي لأن فيها سريرين , مكان الأخ صباح رشيد شلال الذي عاد إلى العراق وترك الدراسة , وكان في الغرفة دواليب في الجدار يمكن أن أقول إنها خمسة أبواب: باب وضعت فيه الكتب، أي جعلته مكتبة لهذه الكتيبات التي أملكها، واثنان مشتركان لحقائبي وتعليق الملابس، والاثنان الباقيان وضع فيهما الأخ خليل حقائبه وهما على شكل رفوف، وهناك رفان اثنان فارغان وهو يشغل بالإضافة إلى هذا دولاباً آخر ذو بابين في الممر وشيء يشبه البوفيه في غرفته، لأن غرفته ليس فيها دولاب، المهم أني لا أريد أن أرسم صورة للشقة، ولكني أريد أن أرسم أبعاد مشكلة خُلِقَتْ خلقاً , عندما نزل عندنا الأخ أحمد (لمدة وجيزة لحين ما يؤجر شقة وتأتي زوجته من العراق، وهو مهندس لديه دورة ستة أشهر) وضع حقيبته وبعض أمتعته في الرفين الفارغين في دولاب الأخ خليل، وعلق ملابسه في الدولاب الذي أعلق فيه ملابسي، الأخ خليل يبدو أنه زعلان على مضايقة حقائبه في الدولاب.

لا أدري ماذا كان يقصد بعد أن انتصف الليل فانفجر ذلك الانفجار المدوي، كان الأخ أحمد نائماً , قال: الدولاب ما فيه مكان، والأغراض مكدسة والأوراق أهم شيء عندي أخشى أن تروح، فقلت اللحاف اليوم وضعته في زاوية فقال (لا آني مُوعَلِّحَاف) ولكن ليس عندي بعد اللحاف شيء في الدولاب , وقد بدا لي في تلك الساعة أن أتجاذب أطراف الكلام فقلت: المكان واسع ونحن لا نريد أن نعرض الأغراض، فغضب وقال: (ليش إغراضك منظمة في الدواليب) أخيراً قلت: له ماذا تريد؟ قال: " ما أريد شعرة وحدة موليه إتكون بدولابي " وفعلا ليس هناك إلا اللحاف فأخذته ووضعته بعد ليه في قاع الدولاب الذي أعلق فيه ملابسي إلى جانب الحقيبة , وبقيت أمتعة الأخ أحمد ويبدو أنها كانت الفتيل المحرق الذي فجر البركان , وانصرف ولم أستطع أنا أن أكمل ما كنت أريد إكماله، وانصرفت أنا أيضاً واستلقيت على السرير لأنام وأنا أردد (متى الله يخلصنا من هذا الغم المتجدد) وفي الصباح بدت الأمور طبيعية من جانبه ولم أحاول التعقيب , وبمناسبة ذهابي إلى المستشفى، قلت أريد أن أقول كلمة اعتذار إلى الأخ خليل مجاملة، رغم أني لم أذنب يوماً ولم أعمل أذية بحقه , وبعد حديث من هذا القبيل أعترف هو بأنه يغضب بسرعة ولكنه بعد عشر دقائق يزول غضبه، على كل حال فإني تعلمت مع الأخ خليل كيف يجب وزن كل حركة، ثم تعلمت أنه لا يمكن كشف شخصية أي إنسان دون المعايشة، ورغم ذلك فإن هذه الأمور لن تطغى على الرابطة التي تربطنا والتي لولاها لمضى كل لسبيله منذ زمن بعيد.

الفرار من المستشفى!

الأحد 26 مايس 1974 = 4 جمادى الأولى 1394هـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير