إذن فهذا التصرف ليس منزها عن الخطأ، فهو تصرف محمود حتى لو كان خاطئا.
نحن يهمنا الحق في هذه المسألة وليس التقييم، فالحق يعرف بالدليل الواقعي والفطري.
وأما ولادة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام فمعجزة من أولها إلى آخرها .. لا يقاس عليها بحال ..
والخبر الذي أورد أن حمل أمه به كان ستة أشهر - إن صح - فلا يحمل أكثر مما يحتمل ..
وظاهر الآيات من سورة مريم أن الفصل الزماني بين إرسال الملك إليها وإتيانها إلى قومها به ليس ببعيد يستغرق ستة أشهر! .. بل هو سريع جداً سرعة معجزة أيضاً ..
فكل الجمل التي قصت علينا مراحل ولادة المسيح عليه السلام متعاطفة بفاءات الترتيب والتعقيب (تسع فاءات):
فأرسلنا إليها روحنا ...
فتمثل لها بشراً سويا ...
فحملته،
فانتبذت به ...
فأجاءها المخاض ...
فناداها من تحتها أن لا تحزني ...
فكلي واشربي ...
فإما ترين من البشر أحداً ...
فأتت به قومها تحمله ...
أما فاءات الترتيب والتعقيب فهي ليست دليلا على سرعة الحدث والولادة في نفس اللحظة، فكل مرحلة أخذت زمنها الذي قدر الله لها، قال تعالى: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
هل الفاءات هنا تدل على اختصار الزمن في لحظة!!
قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ.
هل تصبح الأرض مخضرة بمجرد أن تبتل بالماء أم تستغرق زمنا!
إذن يا أخي عصام لا يوجد دليل على مدة حمل مريم عليها السلام أقوى من هذا:
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ...
الآية تتكلم عن الإنسان (على الإطلاق): كل إنسان مولود من أم، وعيسى عليه السلام إنسان مولود من أم، الآية لم تستثن عيسى بل عممت وجعلتها قدرا عل كل إنسان حملته أمه.
ودمت بخير.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[20 Feb 2010, 11:31 ص]ـ
أخي أبا علي حياك الله
وأنا يا أخي مثلك أحاول الفهم وإحسان التوجيه ..
الولادة بعد ستة الأشهر:
أعتقد أن استفراغ الجهد في فهم الأثر أولى من الحكم بتخطئته.
وقبل الحكم بالخطأ لابد من الآتي:
- أن نحكم بأن المدد المختلفة المذكورة في هذا الموضوع: (حولين) (عامين) (ثلاثون شهرا) = غير مراده لله تعالى: وخلاف هذا تحكم يحتاج دليلاً.
- أن نتأكد أن الحكم صادر لدرء شبهة فقط .. وهذا غير صحيح .. فلم تكن الشبهة وحدها هي الدافع إلى هذا الاستنباط .. : وخلاف هذا مصادرة عن المطلوب.
- أن نثبت استحالة ولادة أي مولود في ستة أشهر مستهلاً صارخاً أي حياً يتنفس: وخلاف هذا وهم مخالف للواقع (النادر).
ولادة عيسى:
في الحالة الطبيعة نجد القرآن يذكر (ثم) التي للتراخي:
(قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شا أنشره) ..
(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).
فأين هي يا أخي في قصة ولادة المسيح عليه السلام.
ودمت بخير ..
والله من وراء القصد.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[22 Feb 2010, 07:18 م]ـ
جاء في الدر المنثور (3/ 356):
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله:
((فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام))؛ يقول: يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به.
(ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا)؛ يقول: ; شاكا.
(كأنما يصعد في السماء)؛ يقول: كما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء فكذلك لا يقدر على أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه حتى يدخله الله في قلبه.
هل تفسير ابن عباس رضي الله عنهما هذا لقوله تعالى:
((كأنما يصعد في السماء))
= هل هو متوافق مع الكشف العلمي الحديث تماماً أم أشمل دلالة أم أضيق؟.
أم هو متناقض لا يلتقي معه بحال؟.
وهل التصعد في السماء مذكور في مواضع أخرى من القرآن؟.
¥