معضلة رواية الحاكم وأبي داود وأحمد والبيهقي والطبراني وسعيد بن منصور:
جاءت في المستدرك وسنن أبي داود وسنن سعيد بن منصور ومسند الإمام أحمد بن حنبل وسنن البيهقي الكبرى والمعجم الكبير للطبراني عبارة ملحقة بآخر هذا الحديث وهي شديدة الإشكال وهي (قال زيد: أنزلها الله وحدها فألحقتها و الذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف)
وهذه العبارة الزائدة - سواء عند الحاكم أو أبي داود – هي عن سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد،أي أن الحاكم و أبا داود قد أخذا الرواية عن سعيد بن منصور وسعيد أخذها من عبد الرحمن بن أبي الزناد
ورواية الطبراني عن يحيى الحماني ورواية أحمد عن سليمان بن داود، ورواية البيهقي عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم، وكلهم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد أيضا
أي أن هذه الروايات جميعها تجتمع في رجل واحد هو عبد الرحمن بن أبي الزناد الذي قال عنه علي بن المديني (ما حدث عبد الرحمن بن أبي الزناد بالمدينة فهو صحيح وما حدث ببغداد فأفسده العراقيون لقنوه وهو ضعيف فيه)، وقال أحمد بن حنبل (مضطرب الحديث) وقال النسائي (ضعيف) وقال يحيى والرازي (لا يحتج به) وقال عنه ابن حبان (كان ممن ينفرد بالمقلوبات عن الأثبات، وكان ذلك من سوء حفظه وكثرة خطئه، فلا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، فأما فيما وافق الثقات فهو صادق في الروايات يحتج به) وهذا الزيادة في الحديث لم يروها أحد غيره قط؛ وإنما انفرد بها دون سواه؛ ولهذا لا يجوز الاحتجاج بها حسب كلام ابن حبان السابق.
ومن الممكن أن يكون زيد قد ألحق عبارة " غير أولي الضرر" بعد أن نسيها وصححه صلى الله عليه وسلم، فكتبها عند الشق الذي في كتف البعير أو الشاة الذي كتب عليه. ولكن الذي يجعلنا نعول على كلام ابن حبان في عبد الرحمن بن أبي الزناد ما قاله زيد "أنزلها الله وحدها"
وقد يعني قوله "أنزلها الله وحدها" أن الله تعالى قد أنزل هذه العبارة بعد نزول قوله (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وانقطاع الوحي قليلا، لكن سياق قول زيد "أنزلها الله وحدها" مع ذكره لإلحاق العبارة الأخرى عند الصدع الذي في الكتف يجعلنا نستبعد هذا المعنى الذي يقدح فيه سياق الكلام.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[15 Feb 2010, 04:04 م]ـ
لم يتقيد ابن أم مكتوم بالعذر الذي أنزل لأجله:
ابن أم مكتوم لم يمثل في الآية شيئا غير أنه كان نموذجا من نماذج "أولي الضرر" الذين عناهم الله في الآية ومثل ذلك كثير في أسباب النزول عند الصحابة؛ إذ يجعلون المثال -كما ذكر ابن تيمية - سبباً للنزول أي يجعلون بعض المواقف التي تتناولها الآية سببا لنزول الآية لتوضيح معناها؛ ولا يعني ذلك أن الآية قد نزلت بسبب ذلك الموقف الذي ذكروه بصورة مباشرة، وقوله تعالى: (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .......... ) ذو معنى عام لا يقتصر على حالة واحدة؛ وهو كقوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ)، وابن أم مكتوم كان من الصحابة العظام فرغم أنه كان أعمى قد عُذر إلا أنه لم يقف عند العذر بل كان يخرج في الغزوات قال أنس بن مالك كما روى أحمد وأبو يعلى: (ولقد رأيته يوم القادسية معه راية سوداء) وقيل أنه استشهد بهذه المعركة كما ذكر ابن حجر في الإصابة وليس ذلك فحسب بل شهد ابن مكتوم رضي الله عنه مواطن كثيرة وكان يحمل فيها لواء المسلمين
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[15 Feb 2010, 04:07 م]ـ
ما يستفاد من الحديث:
لا يصلح هذا الحديث كدليل لدعوى "التاريخانية " عند أهل القراءات المعاصرة؛ فما يستفاد من الحديث ليس تعديل القرآن لأجل أحد؛ إذ إن هذا ما لا يمكن أن يحدث أبدا، ولكن ما يستفاد من الحديث هو تثبيت أن أولي الضرر هم أمثال ابن مكتوم الأعمى ونحوه وبيان مناقب هذا الصحابي الجليل وحرصه على تطبيق أمر الله والتمسك بمنهجه وبيان جبر النبي صلى الله عليه وسلم لخواطر أصحابه رضي الله عنهم أجمعين.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[15 Feb 2010, 04:08 م]ـ
المراجع والمصادر:-
¥