تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وما نقله أبو عبيدة عن كثير من أهل التفسير صحيحٌ ولم أراجعه في مظانِّه، لكنه معلوم من منهجهم في تفاسيرهم. والذين نَقَل أقوالهم مِمَّنْ يسيرُ على منهج التأويل المنسوب لأبي الحسن الأشعري رحمه الله، وهذا مما ينبغي التنبه له لقارئ هذه الكتب في التفسير، فإنها تأويل للصفات التي أثبتها الله لنفسه دون دليل صحيح، مع حفظنا لمكانة هؤلاء المفسرين، والثناء عليهم وعلى كتبهم في مجملها، ولكنَّ الكمال عزيز. وبعضهم وافق الأشاعرة في بعض أقوالهم وبعضهم من الأشاعرة الذين لا ينكرون انتسابهم لهذا المنهج.

وأنا أؤكد على مقولة أخي أبي عبيدة الهاني: (وأرجو من الباحثين الجادين التعامل مع هذا الموضوع بطريقة علمية، لا بطريقة التعصب المذموم والعصبية، فإن الحق أحق أن يتبع، وإن النقاش الجاد لا يثمر إلا الخير للمتحاورين، فإما التصميم على الحق، وإما الرجوع إلى الحق) فهي مقولة رائعة حقاً.

وقد أعجبني هذا النقل عن ابن حجر، وهو ما نقله أخي أبو عبيدة بقوله:

مقدمة مهمة:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.

قال ابن حجر: وأحق الناس بما فيه من الوعيد قوم من أهل البدع سلبوا لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به، أو حملوه على ما لم يدل عليه ولم يرد به، في كلا الأمرين مما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى، فهم مخطئون في الدليل والمدلول. اهـ

وأحب الإشارة إلى أن هذا من الفوائد التي استفادها الحافظ العلامة ابن حجر العسقلاني من كتب ابن تيمية، وقد فصل ابن تيمية مثل هذه العبارة في مقدمته (مقدمة في اصول التفسير) وهي من أجود المؤلفات - على وجازتها - في أصول التفسير. وهي جديرة بالمراجعة والفهم.

وفق الله الجميع لمرضاته، والله أعلم.

ــــ الحواشي ــــــــــ:

(1) انظر: محاولات جمع تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية للدكتور إبراهيم الحميضي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=90875).

(2) منهاج السنة النبوية 2/ 221، تحقيق محمد رشاد سالم.

(3) انظر: شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي، تحقيق الأخ أحمد بن سعد بن حمدان (1/ 157، 165).

(4) انظر: منهج الأشاعرة في العقيدة للدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي، وهو كتاب قيم جدير بالقراءة. وتجده هنا ( http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=350).

ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[16 Feb 2010, 11:39 ص]ـ

أشكر أخي الكريم أبا عبيدة الهاني على طرحه لهذا الموضوع القيم، وفيه لفت للانتباه لقيمة توجيه شيخ الإسلام ابن تيمية لكثير من الآيات القرآنية على وفق معتقد السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم رضي الله عنهم وعن أتباعهم بإحسان إلى يوم الدين. [/ url].

أشكركم على التعامل مع هذا الموضوع بجدية.

في الحقيقة لسنا ننشد سوى الحق، وإني مع ما أطرحه من استشكالات فيبقى المجال مطروحا ـ طالما تجنبنا أهل التعصب والهمز واللمز ـ لإعادة النظر فيما أعتقده وأفهمه، أو العكس؛ فليس فينا من هو معصوم لا يقبل كلامه النقاش.

وأقل ما يمكن أن يثير اهتمام الباحث هو تكرر التباين الشديد بين توجيهات الشيخ ابن تيمية لبعض الآيات كالتي ذكرتها، وتوجيه عدد كبير ممن عَرَفوا أنفسهم وعرفناهم وعرفهم أهل عصرهم ـ قبل ولادة الشيخ سفر بقرون ـ بأنهم أهل السنة.

فأما إذا كان المطلوب تصحيح هذا "الخطأ" التاريخي الذي استمر قرونا طويلة وهو سلب اسم أهل السنة عن أهله وإلصاقه بغيرهم، فهذه مسألة أخرى أكبر وأكبر.

ومع ذلك، فأرجو من فضيلة المشرف الذي دائما يوجه القارئ للتأمل والتفكر والتدقيق واتباع الدليل أن يجلي لي أمرا شديدا لم أجد له توجيها لكي أعتبر أن الشيخ ابن تيمية يفسر القرآن على وفق السلف الصالح:

فضيلة المشرف: عندما أرى أن الشيخ ابن تيمية يوجه قول الله سبحانه وتعالى {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] ليقول بالحرف الواحد أن الأصح أن يقال بأن الله تعالى أحدث القرآن في ذاته كما في مجموع الفتاوى، ثم أراجع أقوال السلف أئمة أهل السنة، وأجد نقيض ذلك كقول الإمام وكيع ابن الجراح: "من قال أن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدَثٌ، ومن زعم أن القرآن محدَثٌ فقد كفر. (شرح اصول اعتقاد أهل السنة، ج2/ص284) وأراجع أقوال مفسري أهل السنة ومن هم أعلم الناس بأقوال السلف كقول الإمام البغوي: الذكر المحدث: ما قاله النبي ? وبينه من السنن والمواعظ سوى ما القرآن، وأضافه إلى الرب تعالى لأنه قاله بأمر الرب. (معالم التنزيل، ج5/ص306) وقوله الإمام القرطبي: {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ}: يريد: في النزول وتلاوة جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان ينزل سورة بعد سورة وآية بعد آية، كما كان ينزله الله تعالى عليه في وقت بعد وقت، لا أن القرآن مخلوق. (الجامع، ج14/ص172)

فكيف بعد كل ذلك يمكنني أن أعتقد أن الشيخ ابن تيمية يوجه الآيات على وفق معتقد السلف الصالح؟؟؟

أرجو منكم التأمل والكلام بالدليل، لا سيما في هذه المسألة الأساسية التي تبين لي من خلال سنوات بحث أن السلف الصالح عندما قالوا بأن القرآن غير مخلوق كانوا يقصدون أن القرآن ـ صفة الله تعالى ـ غير محدث، فلا فرق بين المخلوق والمحدث لا لغة ولا عرفا، وتبين لكل باحث أن الشيخ ابن تيمية يرى حدوث القرآن ـ صفة الله أو فعله ـ في ذات الله تعالى، وهذا معروف مسطور. فكيف الجمع مع هذا التصادم؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير