وهي أمر يدعو إلى البحث وراء هذا التباين الشديد، وما ينجر عنه من الأمور.
اكتشاف عجيب .. ابن تيمية يخالف الأشعرية في تفاسيرهم .. حقاً أمر يدعو إلى البحث، مع عدم نسيان تسجيل براءة الاختراع للتونسي.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Feb 2010, 07:38 ص]ـ
أشكر أخي الكريم أبا عبيدة الهاني على طرحه لهذا الموضوع القيم، وفيه لفت للانتباه لقيمة توجيه شيخ الإسلام ابن تيمية لكثير من الآيات القرآنية على وفق معتقد السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم رضي الله عنهم وعن أتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وقد كتبَ عددٌ من الباحثين في جهود شيخ الإسلام ابن تيمية في التفسير وطُبع بعضُها ولم يُطبع بعضها. (1)
وأبعدُ الناس عن تحكيم العاطفة في كلامه هو ابن تيمية وأتباع المنهج الذي ينصره، وليتنا حقاً نكتب في العلم بعيداً عن تأثير الهوى يا أخي العزيز فإن الهوى يعمي ويصم عن الحق، ولا يخفى عليك ما ورد من الآيات والأحاديث في ذم الهوى واتباعه.
وألاحظ على طرح أخي أبي عبيدة الهاني للموضوع ما يلي:
1 - الاستعجال في ذكر النتيجة قبل دراسة المسألة، وقد تفضل بذكر هذه الملاحظة الزميل أبو سعد الغامدي مشكوراً.
2 - عدم نقل كلام ابن تيمية كاملاً، واقتطاعه من سياقه، وهذا يفقد القارئ القدرة على تصور الكلام بتمامه، وقد نبَّه إلى ذلك الزميل إبراهيم الحسني مشكوراً. وهذا الخلل يقع فيه كثير من الباحثين فيقع الخلل في فهم القراء. والمنهج العلمي الصحيح يقتضي نقل الكلام بتمامه والتنبيه على سياقه ليكون القارئ على بينة من أمر قائله.
3 - إطلاق مصطلح (أهل السنة) على الأشاعرة في هذا الموضوع محاولة من أخي أبي عبيدة للتلبيس على القارئ الكريم. وقد سبق لعدد من العلماء قديماً وحديثاً تحرير المقصود بأهل السنة والجماعة، ومن ذلك قول العلامة الجليل الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي حفظه الله وشفاه:
إن مصطلح أهل السنة والجماعة يطلق ويراد به معنيان:
[أ] المعنى الأعم: وهو ما يقابل الشيعة، فيقال: المنتسبون للإسلام قسمان: أهل السنة والشيعة، مثلما عَنْوَنَ شَيْخ الإِسْلامِ كتابه في الرد على الرافضي "منهاج السنة "، وفيه بيَّن هذين المعنيين، (2). وصرح أن ما ذهبت إليه الطوائف المبتدعة [هي] من أهل السنة بالمعنى [الأعم].
وهذا المعنى يدخل فيه كل من سوى الشيعة كالأشاعرة، لاسيما والأشاعرة فيما يتعلق بموضوع الصحابة والخلفاء متفقون مع أهل السنة، وهي نقطة الاتفاق المنهجية الوحيدة.
[ب] المعنى الأخص: وهو ما يقابل المبتدعة وأهل الأهواء وهو الأكثر استعمالاً وعليه كتب الجرح والتعديل، فإذا قالوا عن الرجل: إنه صاحب سنة أو كان سنياً أو من أهل السنة ونحوها، فالمراد أنه ليس من إحدى الطوائف البدعية كالخوارج والمعتزلة والشيعة، وليس صاحب كلام وهوى.
وهذا المعنى لا يدخل فيه الأشاعرة أبداً؛ بل هم خارجون عنه وقد نص الإمام أحمد وابن المديني على أن من خاض في شيء من علم الكلام لا يعتبر من أهل السنة وإن أصاب بكلامه السنة حتى يدع الجدل ويسلم للنصوص، فلم يشترطوا موافقة السنة فحسب بل التلقي والاستمداد منها (3). فمن تلقى من السنة فهو من أهلها وإن أخطأ، ومن تلقى من غيرها فقد أخطأ وإن وافقها في النتيجة.
والأشاعرة تلقوا واستمدوا من غير السنة ولم يوافقوها في النتائج، فكيف يكونون من أهلها. وإذا كانت كتب الأشاعرة تتبرأ من "الحشوية والمجسمة والنابتة والمشبهة " وغير ذلك مما يلقبون به أهل السنة والجماعة، فكيف يكونون وهم سواء؟). (4)
ولا بدَّ في مسائل العقيدة من العلم والبرهان حتى يكون الاتباع عن بينة وليس عن عاطفة وهوى، وكلام علماء الأمة الكبار من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن سار على منهجهم يؤيد هذا القول الذي ذهب إليه ابن تيمية وغيره. وأدعو أخي الكريم أبا عبيدة لمراجعة كلام المفسرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم لهذه الآيات ونظائرها في القرآن الكريم، وسوف يجد أن ابن تيمية لم يأت بشيء من عنده، فإن القارئ لكتب ابن تيمية لا يقرأ فيها علم ابن تيمية فقط، وإنما يقرأ فيها علم السَّلف الذين سبقونا بالإيمان والعلم والاتباع الصحيح.
¥