تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"هم يريدوننا أن نصدق أن الشهادة بالخيرية لمجمل الصحابة تعني العلم والقدرة على الفهم. وعندما يعجز الإنسان عن الإتيان بالدليل نراه يفر إلى الخطب العاطفية ويشهر بوجوهنا سيف محبتهم رضوان الله عليهم. ولم يدركوا خطورة أن يضيفوا إلى مصادر التشريع مصدراً ما أنزل الله به من سلطان. وما علينا إذا صارحناهم أن هذا تحريف لدين الله تعالى باستحداث مصدر لم يقل به الله ولا رسوله، بل لم يقل به الصحابة رضوان الله عليهم. لا والله لا نقول في دين الله إلى عن بينة."

أقول:

أخي الحبيب كلامك هذا هو أقرب للخطابة من قول من تنتقدهم.

الصحابة هم الذين نقلوا لنا الدين

هم الذين نقلوا لنا مصادر التشريع

وهم أولى الناس بفهم ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم

وهم أفضل من طبق تعاليم الوحيين في واقع الحياة

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم فقال:

"أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ" رواه أبو داود والترمذي من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه.

ودعا لعبد الله بن عباس فقال: "اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ"

ثم إن الشهادة لهم من الله بالفضل والإذعان للحق وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم تدل على أنهم أولى الناس بتحري الحق ومعرفته ومن ثم وجب أن ينظر لأقوالهم بعين الاعتبار.

تقول:

"والعجيب أنهم جعلوا الصحابة درجة واحدة، ولو أنهم اقتصروا على الصحابة الذين طالت ملازمتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم واشتهروا بالعلم لهان الخطب. وعندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا أصحابي، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه"، لا شك أن الحديث هنا موجه إلى الصحابة. فهناك من الصحابة من لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد صحابي آخر ولا نصيفه."

أقول:

صحيح أن الصحابة يتفاضلون في الفضل والعلم، ولكنهم في نفس الوقت أفضل ممن أتى من بعدهم، ومتى ثبتت الصحبة لشخص وقال قولاً في دين الله فالعقل يدعو إلى النظر في قوله بحكم هذه الصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

تقول:

"ثم من أين لهم أن الصحابي لا يخالف نصاً ولا قياساً إلا وجد من يرده إلى الصواب. أما علموا أن الصحابة ساحوا في الأرض ولم يبقوا متجاورين في المدينة بل سكنوا الأمصار المتباعدة. فقد يجتد صحابي في البصرة لأنه لم يسمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يجتهد وهو يذهل عن القياس الصحيح."

أقول:

لو تأملت تحرير محل النزاع في المسألة لما سطرت عبارتك هذه. والصحابي لا يمكن أن يخالف نصا وهو عالم به، وأما مخالفة القياس فأقول: إذا كانت دلالة قول الصحابي على الحق ظنية فدلالة القياس كذلك.

تقول:

"أما أعجب العجب فالدليل الثالث الذي عرضه الأخ الغامدي ناقلاً عن غيره وهو أن يؤخذ الدين بحساب الاحتمالات ويبنى على ذلك أساس من أسس التشريع!! وما علموا أن الله قد حفظ دينه وأننا لم نكلف إلا بما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنه ما لا يمكن أن يقوله الصحابي إلا نقلاً عن رسول الله كأداء الصلاة مثلاً. نعم يجب أن يقوم الدليل على أنه ناقل. ولا يليق بنا أن نقول: يحتمل أن يكون اجتهاده نقلاً، فأي ظن يقام عليه صرح التشريع الإسلامي."

أقول:

الدين لا يؤخذ بحساب الاحتمالات، ولكن طرق الفهم والاستنباط ترجح قول الصحابي على قول غيره وفهم الصحابي على فهم غيره.

وختاما أقول لنضع أقوال الصحابة وأقوال مخالفيهم على المحك وننظر من هو الأقرب إلى الحق فيما وقع فيه الخلاف من أصول الفقه.

والله أعلم

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[18 Feb 2010, 04:20 م]ـ

- قول الصحابي إذا خالف القياس:

قول الصحابي الذي اتفق الأئمة على الاحتجاج به لا يكون مخالفًا للقياس.

أما إن كان مخالفًا للقياس:

فالأكثر على أنه يحمل على التوقيف؛ لأنه لا يمكن أن يخالف الصحابي القياس باجتهاد من عنده.

وقول الصحابي المخالف للقياس - عند هؤلاء - مقدم على القياس؛ لأنه نص والنص مقدم على القياس، وقد تعارض دليلان والأخذ بأقوى الدليلين متعين.

وذهب بعض الأئمة إلى أن قول الصحابي لا يكون حجة إذا خالف القياس؛ لأنه قد خالفه دليل شرعي وهو القياس، وهو لا يكون حجة إلا عند عدم المعارض.

هذه النقطة تحتاج إلى توضيح فيما يبدو لي، فالذي أعلمه:

1 - أن بعض الائمة رأوا أن قول الصحابي حجة مقدمة على القياس.

والمصود هنا القياس الأصولي المعروف.

2 - وذهب البعض إلى أن قول الصحابي ليس بحجة مطلقا.

3 - وذهب البعض إلى أن قول الصحابي حجة إذا خالف القياس، وقصدوا بذلك، إذا ما قال الصحابي قولا لا يدرك بالعقل.

أما بالنسبة لقضية مخالفة الصحابي للقياس الأصولي الصحيح، فلا أجد مثالا عليها، فإذا تكرم أحد فاليأتي بمثال من خلال الفروع الفقهية علما بأن شيخ الإسلام ابن تيمية قال ما يلي:

"وَإِلَى سَاعَتِي هَذِهِ مَا عَلِمْت قَوْلًا قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ إلَّا وَكَانَ الْقِيَاسُ مَعَهُ لَكِنَّ الْعِلْمَ بِصَحِيحِ الْقِيَاسِ وَفَاسِدِهِ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ خَبِيرًا بِأَسْرَارِ الشَّرْعِ وَمَقَاصِدِهِ؛ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْمَحَاسِنِ الَّتِي تَفُوقُ التَّعْدَادَ؛ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ؛ وَمَا فِيهَا مِنْ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَالرَّحْمَةِ السَّابِغَةِ؛ وَالْعَدْلِ التَّامِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ."

والله أعلم وأحكم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير