تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في مثل هذا اليوم من الشهر القادم سنؤدي الامتحان إن شاء الله، إذ إن الامتحان لطلبة الماجستير سيكون في 20/ 7/1974 وربما يستمر حتى نهاية الشهر , وأنا الآن في حالة لا تؤهلني لدخول الامتحان ولكن لا يزال أمامي شهر لعلي أستطيع أن أنجز قراءة المواد المطلوبة ودراستها، لدينا أربع مواد: اللغة الانجليزية وأستاذها الدكتور أمين العسلي، وعندنا في هذه المادة حوالي ست صفحات ترجمة وست صفحات أخرى دراسة , ومناهج البحث وأستاذها الدكتور كمال محمد بشر كان طوال العام الدراسي يحضر مرة ويغيب أكثر من مرة، بسبب ارتباطه بعمادة الكلية، وأخيراً قذف إلينا بمحاضرات مطبوعة منذ سنة 1970 - 1971 في معهد الدراسات العربية، وفيها من الكلام المترجم الشيء الكثير بل جلها مترجم على ما أتوقع، فهي تدور حول مناهج البحث اللغوي عند اللغويين الأوربيين، وفيها إلى جانب ذلك من التعقيد المتولد من اضطراب عرض المادة، وإن كانت لا تخلو من علم مركز، حاولت هذا اليوم الالتقاء بالدكتور بشر والاستفسار منه عن المقرر , قال: إنه لا بد من حضور محمد حبلص المعيد في القسم والطالب معنا، حتى يبين ما أخذنا خلال السنة، ولم يكن محمد هذا يحضر إلا نصف المحاضرات أو أقل، والمادة الثالثة اللغة العبرية وأستاذها الدكتور محمد سالم الجرح الذي كان يخفف من المادة كل مرة حتى أصبحت محاضرة عن الضمائر وأخرى عن صيغ الزوائد، إضافة إلى بحث الطالب الذي عمله خلال السنة , والمادة الرابعة هي مادة القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة الحديث، وجدول رموز الكتابة الصوتية الدولية وأستاذها الدكتور عبد الصبور شاهين الذي كان أحرص الثلاثة على حضور المحاضرات، ثم يليه الدكتور الجرح , ومنذ الشهر الثاني عشر من السنة الماضية إلى الآن ونحن ندور حول كلمات!

الإنفاق السخي

الجمعة 21 حزيران 1974م = 1 جمادى الآخرة 1394هـ

قبل يومين وصلتني رسالة من الأهل من الأخ سفر , وهو لا يكاد يمضي أسبوع دون أن يكتب إلي رسالة , وفي الحقيقة أن الرسالة التي تصلني من الأهل تشجعني على المضي في السبيل، وتُبْعِدُ عني بعض الوحشة، الأخ سالم هو الآخر يرسل لي بعض الرسائل , الشيء الذي أريد أن أذكره هنا أيضا أن الأخ سفر قد أرفق بالرسالة ورقة بتحويل 200 دينار عراقي هي القسط الثاني من الفلوس التي يحق للأهل أن يحولوها لي , كنت قد كتبت لهم أني غير محتاج الآن وأني ربما أرجع إذا يسر الله ونجحت في الامتحان إلى العراق , ولكن حرصهم على راحتي واطمئناناً على مستقبلي دفعهم أن يحولوا لي هذا المبلغ الكبير في نظر أصحاب الدنيا، وهو المبلغ الثاني الذي تسلمته من الأهل، فقد تسلمت سابقاً 200 دينار أو ما يعادلها بالجنيه المصري، كنت قد صرفت في رحلتي إلى القاهرة قبل ذلك 350 ديناراً عراقياً، فيكون المبلغ الذي استلمته من الأهل 750 ديناراً عراقياً , من يجد مثل هؤلاء الأهل؟ مثل هؤلاء الإخوة؟ مثل أخي سفر! ينفقون على ابنهم وعلى أخيهم مثل هذا الإنفاق إسعاداً له في مستقبله، أليسوا هم الآن مالكين لمستقبله؟ أليسوا أحق بالثمرة إن يسر الله وكانت هناك ثمرة , الذي أرجو الله تعالى أن يحققه لي أن يجزيهم عني خيراً، وألا أنسى هذا الفضل العظيم، وأن أذكره مع الدعاء لهم دائماً بالخير والتوفيق في الدنيا والآخرة، وأن يوفقني أن أرد بعض هذا المعروف والفضل الذي يغمرونني به، وأن يجعل المحبة بيننا خير رابطة، وأن يديمها، وألا يجعل للمادة سبيلاً إلى الفرقة، يا رب، يا الله.

الحرمان من القيلولة!

السبت 22 حزيران 1974م = 2 جمادى الآخرة 1394هـ

ما ألذ نوم الظهيرة، وخاصة في مثل هذه الأيام التي أطل الحر علينا فيها وطال النهار , ولكني محروم هذه الأيام من هذه المتعة الضرورية لمواصلة العمل آخر النهار بجد، فمنذ أيام غير معدودات أتمدد ظهر كل يوم أحاول أن أتخفف من أتعاب أول النهار بغفوة قصيرة , أحاول أن أقلد حالة النائمين، أغمض عينيّ، أغطي جسدي، أسكن فلا أبدي حراكاً لعلي أنام , ولكن الأفكار والأوهام كلما هدأت ازدادت وطأتها على عقلي وداخلي , أفكار وأوهام حقاً، أفكار عن الغربة والبعد عن الأهل، وأفكار عن الدراسة وما يجب تحقيقه خلال هذا الشهر الآخذ بالنقصان، استعداداً للامتحان وما بعد الامتحان , وأوهام عن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير