تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وطالت مما أفقدها كل أمل يمكن أن يعلق بها، والفلسطينيون يرفضون إلا أرضهم وديارهم , وهم غير قادرين ويجاهدون بأموالهم إن كانت لهم أموال وبأنفسهم، فقد نفذوا خلال الشهور القليلة الأخيرة عمليات استشهادية بمجابهة القوى الإسرائيلية في وضح النهار يقتلون ويأسرون ثم يستشهدون آخر النهار، كان آخر عملية لهم اليوم في نهاريا عندما قتلوا ثلاثة أو أكثر، وهذا هو ما يثير الرعب في قلوب اليهود.

قلق من مواد الامتحان

الأربعاء 26 حزيران 1974م = 6 جمادى الآخرة 1394هـ

اليوم خاصة بدأت أشعر أني أضحيت في العراء أو أني أقف على صخرة قد لفحتها شمس الصيف , فقد بدا لي المنهج المطلوب أداء الامتحان فيه صعباً واسعاً كثير التعقيد، وخاصة بعد أن حدد الدكتور بشر المادة المطلوبة في الامتحان من المواد التي حاضر لنا فيها خلال السنة , كنت آمل أنه سيحذف لنا بعض موضوعات المذكرة التي ألقاها إلينا في نهاية العام، وانتظرنا مجيء المعيد محمد حبلص، وجاء وكان اليوم تحديد المادة، فإذا هي المذكرة من غير حذف حرف واحد منها، إضافة إلى ثمانية بحوث كان قد ذكر لنا منها أسماءها فقط في بداية العالم الدراسي هذه البحوث فهمنا أن الطالب يختار واحداً ليكتب فيه بحثاً يقدمه، وكَتَبْتُ وكتبوا، ولكن اليوم تبين أنها كلها مطلوبة في الامتحان وأن أيًّا منها ربما جاء فيه سؤال , الحق أنني عندما وقفت على تحديد مادة د. بشر كدت أفقد توازني وعدت إلى البيت كسير القلب وبدأت أفكر في الفشل، هذا الفشل الذي تراودني فكرته كل لحظة وعندما أقرأ كل سطر , لو كنت في العراق وفشلت في امتحان لكان ذلك شبه مقبول، ولكني هنا بعد كل تلك الأتعاب وبعد ذلك الفراق المر أفشل وأعود إلى الأهل بخفي حنين , ولكن أملي بالله عظيم، اللهم فلا تضيع لي تعباً ولا تخيب رجائي فيك، اللهم إن كان نجاحي خيراً فاكتبه لي، وإن كان غير ذلك فاكفني شر العواقب، عدت إلى البيت منهكاً وأنا أفكر في هذه المواد التي أشعر أنها تكاثرت وصعبت، وحاولت أن أغفو إغفاءة يسيرة وإذا بحلم يزعجني من النوم إلى حد البكاء فاستيقظت فزعا لأواجه الأمر من جديد.

مَأْدُبَةُ الهموم

الخميس 27 حزيران 1974م = 7 جمادى الآخرة 1394هـ

لا يعدل نوم الظهيرة شيء بجانب الراحة النفسية للإنسان، فإذا كنت قد حُرِمْتُ نوم الظهيرة منذ أيام عديدة فإني بدأت أُحْرِمُ من الراحة الداخلية عندما بدأت الأفكار والأوهام تزدحم في ذاكرتي والآمال والآلام تأخذ طريقها إلى عقلي، فأنا مشغول ساعة راحتي هذه الأيام بالأفكار والأوهام عن الفشل والنجاح، فبدأت بدلاً من أن أغفو ساعة الظهيرة أفكر خلال تلك الساعات، وكأن تلك الأفكار تعقد مَأْدُبَةً وقت الظهيرة حتى إنها لتضايقني، وزاد الطين بلة خبر الأمس عند تحديد مادة مناهج البحث، فإن البحوث الثمانية التي أضيفت على المذكرة المطبوعة أخذت تثير في نفسي الهموم وتبعث في نفسي القلق والحيرة من نتيجة هذا الامتحان، بل إن خيبتي أخذت تزداد من نتيجة الامتحان، وكأني خلال هذا الشهر دخلت بداية قبو طويل أوله مظلم، وكلما خطوت خطوة اشتد الظلام ولم أزل أخطو في الظلام، ولعل نهاية الامتحان تكون سعيدة، فأخرج من الناحية الثانية إلى النور، وإلا ظللت في ذلك الظلام حتى يأذن الله أو أهلك! حقيقة صار لدي يقين أن الامتحان أشر ما في هذه الدنيا هذا في موازين الدنيا، ولكن أليست الدنيا امتحاناً , إنها امتحان طويل، ولكنا غافلون عن ذلك، فلا فرق بين امتحان الدراسة وبين امتحان الدنيا سوى أن نتيجة هذه قريبة ونتيجة تلك تبدو بعيدة، لكنها في الحقيقة أقرب من لمح البصر {الذي خلقَ الموتَ والحياةَ ليبلوَكُم أيُّكم أحسنُ عملاً} [الملك 2]، ولكنه (غفور رحيم)، أما امتحان الدنيا فإن أقزام البشر يبدون عمالقة فيه.

تخفيف

الجمعة 28 حزيران 1974م = 8 جمادى الآخرة 1394هـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير