تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نفسي متفائلاً مرة أخرى وكأني قد أديت الامتحان ونجحت وسجلت موضوعاً ويسرح الفكر بعيداً، هذا عن الامتحان، أما عن الأهل فلا تكاد تمر لحظة إلا وعرض بخاطري شيء يذكرني بهم، وهنا أيضا تظلم الدنيا بعيني وأقول هل سأعود وأجدهم، أجد الوالد والوالدة والإخوة والأخوات والأطفال بخير، وأحزن وألتجئ إلى الله فراراً من وساوس الشيطان، وتمضي فترة لأهدأ وأتفاءل، وهكذا أنا بين التفاؤل والقنوط قد حُرِمْتُ الراحة حتى نوم الظهيرة , اللهم فاجعله آخر امتحان لي في هذه الدنيا.

مشكلة في وقت غير مناسب

الثلاثاء 9 تموز 1974م = 19 جمادى الآخرة 1394هـ

أوشكنا أمس أن نقع في مشكلة ربما لحقنا منها أذى كثير ومتاعب جمة، ففي يوم الأحد كانت الشغالة أم محمود قد أخطأت بعض الأخطاء أثارت الأخ خليل فانطلق بكلام مفهوم وغير مفهوم كعادته عندما يغضب، وهو كثيراً ما يغضب , فأثَّرَ ذلك الكلام في نفس الشغالة , كانت سابقاً تسمع مثل ذلك، ولكن يبدو أنها هذه المرة لم تجد مكاناً في نفسها لاستيعاب ما سمعت، فما أن انتهينا من الغداء حتى جمعت في صمت كل متعلقاتها وغادرت البيت في هدوء، وعندما دخلنا المطبخ وجدنا كل شيء في مكانه، وقد تركت المفتاح على الثلاجة، وفهمنا أنها غاضبة، وانتظرنا يوم أمس في الصباح فلم تأتِ، ومعنى هذا أننا لا بد أن نبحث على شغالة جديدة، ومعنى هذا أيضاً أن نفتح دورة تعليمية للطبخ والتنظيف والنظام إذا وجدنا من يفهم، وظروفنا الآن لا تسمح بمثل هذا فأنا مشغول بالإعداد للامتحان والأخ خليل هو الآخر مشغول بكتابة البحث، وإذا أُهْمِلَتِ الشقة من غير تنظيف يومين أو ثلاث فإنها ستصير خانقة لا تسكن، وإذا أهملنا أنفسنا وملابسنا فإنا سنمرض من الوسخ، والأكل هو الآخر مشكلة فكنا إزاء هذا كله مضطرين لطلب أم محمود مرة أخرى، فذهب أمس الأخ خليل إلى بيتها في السيدة زينب فهو يعرف مكان سكناهم في ذلك الخضم المخيف من التجمع السكاني، واستطاع أن يقنعها بالعودة أو ربما هي كانت راغبة في ذلك فإنها – والرزق من الله – ربما لا تجد سبعة جنيهات، وجاءت أم محمود صباح هذا اليوم كالمعتاد، وانتهينا من التفكير في المشكلة، والحمد لله.

تراكم الأتعاب

الأربعاء 10 تموز 1974م = 20 جمادى الآخرة 1394هـ

الحمد لله , قد تعبت وبدأت أشعر أن التعب في ازدياد، وليس تعب الدراسة حسب بل هناك أتعاب أخرى لعل الدراسة مبعثها كلها أو جلها، فقد مضى الآن ما يقرب من شهرين وأنا شبه منقطع للمراجعة في البيت، ولا أكاد أخرج إلا في أوقات محدودة، ولولا رحمة الله إذن لشعرت بأن الشقة قد صارت سجناً , ولكن عندما أتذكر حال بعض الطلبة الوافدين وظروفهم والفنادق القذرة وصعوبة العيش أهدأ قليلاً , ورغم ذلك فإن مواصلة الدراسة على مدى شهرين وبأسلوب منفرد لا شك أن ذلك يبعث السأم، بالإضافة إلى الأتعاب المتراكمة وهموم الامتحان .. وأفكار المستقبل، في هذه الأيام كثيراً ما أقف وأقطع المذاكرة لفكرة عرضت لي فجأة، وهي في غير وقتها لا شك، وأغلب الأفكار التي تدور في ذهني الآن هي حول الموت، وإن كانت هذه الفكرة والحمد لله قد اتضحت جوانبها في خاطري واتضح موقفي إزاءها، ثم السفر إلى الأهل، وأنا لم أمتحن بعد ولم أنجح ولم أسجل موضوعاً، ولكن هذه الأفكار ترغمني على الوقوف عندها وتكون مثار أسئلة في نفسي، فتزيد الأتعاب النفسية وتُدِيمُ الأتعاب البدنية دون أن تكون عاملاً في تخفيفها .. أدعو الله تعالى أن ييسر لي خلال هذه الأيام العشرة الباقية حتى لا تحدث انحدارات تؤدي بكل الأتعاب وتذهب بكل الآمال , فلا شك في أن الأتعاب هي سبيل النجاح، ولكني أخشى من الأتعاب التي تحطم ذلك الأمل، خاصة أن المدة قد طالت، والهموم قد كثرت.

نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 5/ 3/1431هـ

ــــ الحواشي:ــــــــــــــــ

(1) كنت أحسب أن دراسة الدكتوراه ليس فيها سنة دراسية تمهيدية، وإنما تبدأ بتسجيل الموضوع مباشرة، كما كان معمولاً به في كلية دار العلوم، وكليات أخرى في مصر، ولكني حين التحقت بدراسة الدكتوراه سنة 1982 - 1983 في كلية الآداب بجامعة بغداد درسنا فصلين دراسيين وفي نهاية كل منهما امتحان! قبل تسجيل موضوع الأطروحة.

الحلقات السابقة:

1 - ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الأولى) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18525)

2- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18581)

3- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثالثة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18636)

4- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الرابعة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18711)

5- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الخامسة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18785)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير