قوله تعالى: {ما في الأرض جميعاً}؛ {ما} اسم موصول تعُمّ: كل ما في الأرض فهو مخلوق لنا من الأشجار، والزروع، والأنهار، والجبال ... كل شيء ..
قوله تعالى: {ثم} أي بعد أن خلق لنا ما في الأرض جميعاً {استوى إلى السماء} أي علا إلى السماء؛ هذا ما فسرها به ابن جرير. رحمه الله؛ وقيل: أي قصد إليها؛ وهذا ما اختاره ابن كثير. رحمه الله؛ فللعلماء في تفسير {استوى إلى} قولان: الأول: أن الاستواء هنا بمعنى القصد؛ وإذا كان القصد تاماً قيل: استوى؛ لأن الاستواء كله يدل على الكمال، كما قال تعالى: {ولما بلغ أشده واستوى} [القصص: 14] أي كمل؛ فمن نظر إلى أن هذا الفعل عُدّي بـ {إلى} قال: إن {استوى} هنا ضُمِّن معنى قصد؛ ومن نظر إلى أن الاستواء لا يكون إلا في علوّ جعل {إلى} بمعنى "على"؛ لكن هذا ضعيف؛ لأن الله تعالى لم يستوِ على السماء أبداً؛ وإنما استوى على العرش؛ فالصواب ما ذهب إليه ابن كثير رحمه الله وهو أن الاستواء هنا بمعنى القصد التام، والإرادة الجازمة؛ و {السماء} أي العلوّ؛ وكانت السماء دخاناً. أي مثل الدخان؛
{فسواهن سبع سموات} أي جعلها سوية طباقاً غير متناثرة قوية متينة ..
قوله تعالى: {وهو بكل شيء عليم}؛ ومن علمه عزّ وجلّ أنه علم كيف يخلق هذه السماء ..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: منّة الله تعالى على عباده بأن خلق لهم ما في الأرض جميعاً؛ فكل شيء في الأرض فإنه لنا. والحمد لله. والعجب أن من الناس من سخر نفسه لما سخره الله له؛ فخدم الدنيا، ولم تخدمه؛ وصار أكبر همه الدنيا: جمع المال، وتحصيل الجاه، وما أشبه ذلك ..
.2 ومنها: أن الأصل في كل ما في الأرض الحلّ. من أشجار، ومياه، وثمار، وحيوان، وغير ذلك؛ وهذه قاعدة عظيمة؛ وبناءً على هذا لو أن إنساناً أكل شيئاً من الأشجار، فقال له بعض الناس: "هذا حرام"؛ فالمحرِّم يطالَب بالدليل؛ ولو أن إنساناً وجد طائراً يطير، فرماه، وأصابه، ومات، وأكله، فقال له الآخر: "هذا حرام"؛ فالمحرِّم يطالب بالدليل؛ ولهذا لا يَحْرم شيء في الأرض إلا ما قام عليه الدليل ..
.3 ومن فوائد الآية: تأكيد هذا العموم بقوله تعالى: {جميعاً} مع أن {ما} موصولة تفيد العموم؛ لكنه سبحانه وتعالى أكده حتى لا يتوهم واهم بأن شيئاً من أفراد هذا العموم قد خرج من الأصل ..
.4 ومنها: إثبات الأفعال لله عزّ وجلّ. أي أنه يفعل ما يشاء؛ لقوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء}: و {استوى} فعل؛ فهو جلّ وعلا يفعل ما يشاء، ويقوم به من الأفعال ما لا يحصيه إلا الله، كما أنه يقوم به من الأقوال ما لا يحصيه إلا الله ..
.5 ومنها: أن السموات سبع؛ لقوله تعالى: (سبع سموات)
.6 ومنها: كمال خلق السموات؛ لقوله تعالى: (فسواهن) ..
.7ومنها: إثبات عموم علم الله؛ لقوله تعالى: (وهو بكل شيء عليم)
.8ومنها: أن نشكر الله على هذه النعمة. وهي أنه تعالى خلق لنا ما في الأرض جميعاً؛ لأن الله لم يبينها لنا لمجرد الخبر؛ ولكن لنعرف نعمته بذلك، فنشكره عليها ..
.9 ومنها: أن نخشى، ونخاف؛ لأن الله تعالى بكل شيء عليم؛ فإذا كان الله عليماً بكل شيء. حتى ما نخفي في صدورنا. أوجب لنا ذلك أن نحترس مما يغضب الله عزّ وجلّ سواء في أفعالنا، أو في أقوالنا، أو في ضمائر قلوبنا .. "
انتهى كلامه رحمه الله.
لاحظ أنه نقل قولين أولهما لابن جرير والثاني لابن كثير ورجح قول ابن كثير بمعنى القصد ..
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[20 Feb 2010, 10:54 م]ـ
ثانيا احيلك الى مراجع الشيخ في الهامش في هذه السورة واريد أن تعد لي كم مرة نقل عن ابن تيمية؟
(58) راجع سنن أبي داوود 1348 كتاب الزكاة باب 40: الرخصة في ذلك حديث 1678 والترمذي ص 2030 كتاب المناقب باب 1: رجاؤه صلى الله عليه وسلم أن يكون أبو بكر ممن يدعى من جميع أبواب الجنة حديث 3675 والدارمي 1/ ص480 كتاب الزكاة باب 26: الرجل يتصدق بجميع ما عنده حديث رقم 1660 وقال الألباني في صحيح أبي داود 1/ 466 حسن.
(59) أخرجه البخاري ص263، كتاب بدء الخلق، باب 8: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، حديث رقم 3256؛ وأخرجه مسلم ص1170، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب 3: ترائي أهل الجنة أهل الغرف كما يرى الكوكب في السماء، حديث رقم 7144 [11] 2831.
¥