تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الربح الاول:

المال الفاني يجد البقاء، لأن العمر الزائل الذي يوهب للحي القيوم الباقي، ويبذل في سبيله سبحانه، ينقلب عمراً ابدياً باقياً. عندئذٍ تثمر دقائق العمر ثماراً يانعة وازاهير سعادة وضاءة في عالم البقاء مثلما تفنى البذور ظاهراً وتنشق عنها الازهار والسنابل.

الربح الثاني:

الثمن هو الجنة.

الربح الثالث:

يرتفع ثمن كل عضو وحاسة ويغلو من الواحدة الى الألف.

فمثلاً: العقل عضو وآلة، إن لم تبعه ـ يا اخي ـ لله ولم تستعمله في سبيله، بل جعلته في سبيل الهوى والنفس، فانه يتحول الى عضو مشؤوم مزعج وعاجز، اذ يحمّلك آلام الماضي الحزينة وأهوال المستقبل المخيفة، فينحدر عندئذٍ الى درك آلة ضارة مشؤومة، ألا ترى كيف يهرب الفاسق من واقع حياته وينغمس في اللهو أو السكر انقاذاً لنفسه من ازعاجات عقله؟

ولكن اذا بيع العقل الى الله، واُستُعمل في سبيله ولأجله،

فانه يكون مفتاحاً رائعاً بحيث يفتح ما لا يعد من خزائن الرحمة الإلهية وكنوز الحكمة الربانية ..

فأينما ينظر صاحبه وكيفما يفكر يرى الحكمة الإلهية في كل شئ، وكل موجود، وكل حادثة. ويشاهد الرحمة الإلهية متجلية على الوجود كله،

فيرقى العقل بهذا الى مرتبة مرشدٍ رباني يهئ صاحبه للسعادة الخالدة.

ومثلاً: العين حاسة، تطل الروح منها على هذا العالم، فان لم تستعملها في سبيل الله، واستعملتها لأجل النفس والهوى، فانها بمشاهدتها بعض المناظر الجميلة المؤقتة الزائلة تصبح في درك الخادمة والسمسارة الدنيئة لإثارة شهوات النفس والهوى.

ولكن إن بعتها الى خالقها البصير واستعملتها فيما يرضيه،

عندئذٍ تكون العين مطالِعة لكتاب الكون الكبير هذا وقارئة له،

ومشاهِدة لمعجزات الصنعة الربانية في الوجود، وكأنها نحلة بين ازاهير الرحمة الإلهية في بستان الارض، فتقطّر من شَهْد العبرة والمعرفة والمحبة نور الشهادة الى القلب المؤمن.

ومثلاً: ان لم تبع حاسة الذوق ـ التي في اللسان ـ الى فاطرها الحكيم، واستعملتها لأجل المعدة والنفس، فحينئذٍ تهوي الى درك بوّاب معمل المعدة واصطبلها، فتهبط قيمتها.

ولكن ان بعتَها الى الرزاق الكريم،

فانها ترقى الى درجة ناظر ماهر لخزائن الرحمة الإلهية، ومفتش شاكر لمطابخ القدرة الصمدانية.

فيا أيها العقل!

أفق، اين الآلة المشؤومة من مفتاح كنوز الكائنات؟

ويا ايتها العين!

ابصري جيداً، اين السمسرة الدنيئة من الامعان في المكتبة الإلهية؟

و يا أيها اللسان!

ذق بحلاوة اين بواب المعمل والاصطبل من ناظر خزينة الرحمة الإلهية؟.

فان شئت ـ يا اخي ـ فقس بقية الاعضاء والحواس على هذا،

وعندها تفهم ان المؤمن يكسب حقاً خاصية تليق بالجنة، كما ان الكافر يكتسب ماهية توافق جهنم. فما جوزي كل منهما بهذا الجزاء العادل إلاّ لأن المؤمن يستعمل بايمانه أمانة خالقه سبحانه بأسمه وضمن دائرة مرضاته، وان الكافر يخون الأمانة فيستعملها لهواه ولنفسه الأمارة بالسوء.

الربح الرابع:

ان الانسان ضعيف بينما مصائبه كثيرة، وهو فقير ولكن حاجته في ازدياد، وعاجز إلاّ أن تكاليف عيشه مرهقة، فإن لم يتوكل هذا الانسان على العلي القدير ولم يستند اليه، وان لم يسلّم الأمر اليه ولم يطمئن به، فسيظل يقاسي في وجدانه آلاماً دائمة، وتخنقه حسراته وكدحه العقيم، فإما يحوله الى مجرم قذر أو سكير عابث.

الربح الخامس:

إنه من المتفق عليه اجماعاً بين أهل الاختصاص والشهود والذوق والكشف أن العبادات والاذكار والتسبيحات التي تقوم بها الاعضاء عندما تعمل ضمن مرضاته سبحانه تتحول إلى ثمار طيبة لذيذة من ثمار الجنة، وتقدّم إليك في وقت أنت في أمس الحاجة اليها.

وهكذا .. ففي هذه التجارة ربح عظيم فيه خمس مراتب من الارباح، فإن لم تقم بها فستحرم من أرباحها جميعها، فضلاً عن خسرانك خمس خسارات اخرى هي:؟!؟

......

ـ[خلوصي]ــــــــ[13 Aug 2010, 09:01 ص]ـ

و أختتم بالخسائر الكلمةَ السادسة هذه ذات الخطر الكبير في برمجتها - أعاذنا الله من الخسائر في البرمجة و المسابقة http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif

وهكذا .. ففي هذه التجارة ربح عظيم فيه خمس مراتب من الارباح، فإن لم تقم بها فستحرم من أرباحها جميعها، فضلاً عن خسرانك خمس خسارات اخرى هي:؟!؟

الخسارة الأولى:

إن ما تحبه من مال وأولاد، وما تعشقه من هوى النفس وما تعجب به من حياة وشباب، سيضيع كله ويزول، مخلفاً آثامه وآلامه مثقلاً بها ظهرك.

الخسارة الثانية:

ستنال عقاب من يخون الأمانة. لأنك باستعمالك أثمن الآلات والأعضاء في أخس الاعمال قد ظلمت نفسك.

الخسارة الثالثة:

لقد افتريت وجنيت على الحكمة الإلهية، إذ أسقطت جميع تلك الأجهزة الإنسانية الراقية الى دركات الأنعام بل أضل.

الخسارة الرابعة:

ستدعو بالويل والثبور دائماً، وستئن من صدمة الفراق والزوال ووطأة تكاليف الحياة التي أرهقت بها كاهلك الضعيف مع أن فقرك قائم وعجزك دائم.

الخسارة الخامسة:

إن هدايا الرحمن الجميلة ـ كالعقل والقلب والعين وما شابهها ـ ما وُهبت لك إلاّ لتهيئك لفتح أبواب السعادة الابدية، فما أعظمها خسارة أن تتحول تلك الهدايا إلى صورة مؤلمة تفتح لك أبواب جهنم!.

والآن .. سننظر الى البيع نفسه ..

أهو ثقيل متعب حقاً بحيث يهرب منه الكثيرون؟.

ـ كلا، ثم كلا .. فلا تعب فيه ولا ثقل أبداً. لأن دائرة الحلال واسعة فسيحة، تكفي للراحة والسعادة والسرور. فلا داعي للولوج في الحرام.

أما ما افترضهَّ الله علينا فهو كذلك خفيف وضئيل،

و إن العبودية لله بحد ذاتها شرف عظيم اذ هي جندية في سبيله سبحانه

وفيها من اللذة وراحة الوجدان ما لا يوصف.

أما الواجب فهو أن تكون ذلك الجندي،

فتبدأ باسم الله،

وتعمل باسم الله،

وتأخذ وتعطي في سبيله ولأجله،

وتتحرك وتسكن ضمن دائرة مرضاته وأوامره،

وان كان هناك تقصير فدونك باب الاستغفار، فتضرع اليه وقل:

اللّهم اغفر لنا خطايانا، واقبلنا في عبادك، واجعلنا امناء على ما أمّنته عندنا الى يوم لقائك ... آمين.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير