زيد بن أسلم، عن قول الله:"ألم ذلك الكتاب" و"ألم تَنزيل"، و"ألمر تلك"، فقال: قال أبي: إنما هي أسماء السُّوَر.
عن الشعبي قال: فواتح السور من أسماء الله.
عن عكرمة، قال:"ألم"، قسم
عن سعيد بن جبير، قال: قوله:"ألم"، قال: أنا الله أعلم.
عن الربيع بن أنس، في قول الله تعالى ذكره:"ألم"، قال: هذه الأحرف، من التسعة والعشرين حرفًا، دارت فيها الألسُن كلها. ليس منها حرف إلا وهو مِفتاح اسم من أسمائه، وليس منها حرف إلا وهو في آلائه وبَلائه، وليس منها حرف إلا وهو في مدّةِ قوم وآجالهم. وقال عيسى ابن مريم:"وعجيب ينطقون في أسمائه، ويعيشون في رزقه، فكيف يكفرون؟ ". قال: الألف: مفتاح اسمه:"الله"، واللام: مفتاح اسمه:"لطيف"، والميم: مفتاح اسمه:"مجيد". والألف آلاء الله، واللام لطفه، والميم: مجده. الألف سنةٌ، واللام ثلاثون سنة، والميم أربعون سنة.
كل الأقوال السابقة عن الصحابة والتابعين ذكرها الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره.
السؤال:
حيث إنه لم يصح فيها شيء مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق لنا إلا النظر في أقوال الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وما ورد عن الصحابة محصور في الخلفاء الأربعة وبن مسعود وبن عباس.
فإذا صحت النسبة إلى الخلفاء الأربعة وبن مسعود رضي الله عنهما أنها من المتشابه، وصح عن بن عباس ما روي عنه فأيهما يرجح؟
وإذا عجزنا عن الترجيح لعدم وجود المرجح هل نسقط القولين ونجتهد في البحث عن معنى آخر؟
وهل قول الزمخشري رحمه الله تعالى: "فكأن الله عزّ اسمه عدّد على العرب الألفاظ التي منها تراكيب كلامهم إشارة إلى ما ذكرت من التبكيت لهم، وإلزام الحجة إياهم" يعتبر قول ثالث خارج عن قولي الصحابة رضي الله عنهما؟
ثم ما رأيكم في اختيار الطبري رحمه الله تعالى:
"وكذلك قول الله جل ثناؤه:"ألم" و"ألر"، و"ألمص" وما أشبه ذلك من حروف المعجم التي هي فواتح أوائل السور، كل حرف منها دالّ على معانٍ شتى، شاملٌ جميعُها من أسماء الله عز وجل وصفاته ما قاله المفسِّرُون من الأقوال التي ذكرناها عنهم. وهنّ، مع ذلك، فواتح السور، كما قاله من قال ذلك.
وليسَ كونُ ذلك من حُروف أسماء الله جل ثناؤه وصفاته، بمانعها أنْ تكون للسُّور فواتح. لأن الله جلّ ثناؤه قد افتتح كثيرًا من سوَر القرآن بالحمد لنفسه والثناء عليها، وكثيرًا منها بتمجيدها وتعظيمها، فغيرُ مستحيل أن يبتدئ بعض ذلك بالقسم بها.
فالتي ابتُدِئ أوائلُها بحُروف المعجم، أحدُ مَعاني أوائلها: أنهنّ فواتحُ ما افتتَح بهنّ من سُور القرآن. وهنّ مما أقسم بهن، لأن أحدَ معانيهن أنّهنّ من حروف أسماء الله تعالى ذكُره وصفاتِه، على ما قدَّمنا البيان عنها، ولا شك في صحة معنى القسَم بالله وأسمائه وصفاته. وهنّ من حروف حساب الجُمَّل. وهنّ للسُّور التي افتتحت بهنّ شعارٌ وأسماء. فذلك يحوى مَعانِيَ جميع ما وصفنا، مما بيَّنا، من وجوهه. لأن الله جلّ ثناؤه لو أراد بذلك، أو بشيء منه، الدلالةَ على معنًى واحد مما يحتمله ذلك، دون سائر المعاني غيره، لأبان ذلك لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إبانةً غيرَ مشكلةٍ. إذْ كان جلّ ثناؤه إنما أنزل كتابه على رسوله صلى الله عليه و سلم ليُبيِّن لهم ما اختلفوا فيه. وفي تركه صلى الله عليه و سلم إبانةَ ذلك -أنه مرادٌ به من وُجوه تأويله البعضُ دون البعض- أوضحُ الدليل على أنه مُرادٌ به جميعُ وجوهه التي هو لها محتمل. إذ لم يكن مستحيلا في العقل وجهٌ منها أن يكون من تأويله ومعناه، كما كان غير مستحيل اجتماعُ المعاني الكثيرة للكلمة الواحدة، باللفظ الواحد، في كلام واحد."
في أي خانة نضعه؟
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[25 Feb 2010, 04:17 ص]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيك وجزاك خيراً وفتح لك المغاليق.
هذا موضوع بالغ الأهمية يحتاج إلى تحرير دقيق وتنقيح وتصحيح ونقد للروايات المأثورة والتأويلات الواردة واستخراج مقاصد حكيمة لهذه الأحرف الكريمة ..
وأحسب أن شعار الصحابة في الغزوة (حم لا ينصرون) ينقلنا إلى تفكر عميق في مقاصد هذه الأحرف.
وعندي أسئلة لعل لك جواباً عنها:
هل مجيء الآية المتشابهة يمنع من محاولة فهمها بإرجاعها إلى المحكم البين؟.
ألم يتكلم فيها ابن مسعود وابن عباس وغيرهما .. ألم يستخرج ابن القيم شيئاً من أسرارها في بدائعه؟.
ثم كيف تكون متشابهة على سبيل الدوام .. من غير أن يطلع عليها أحد من الناس؟ .. ومن غير أن يستحث المسلمون هممهم للنظر في حكمها وفوائد ذكرها في فواتح كثير من السور؟ ..
القرآن محكم كله من جهة (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) ..
وهو متشابه كله من جهة ثانية (كتابا متشابهاً مثاني).
ففيه الجهتان معاً؛ بعضه محكم وبعضه متشابه (منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات).
أليس هذا يستدعي التفكير والنظر والبحث في عرى المحكم ليقيد بها هذا المتشابه؟ ..
كيف يُسَمّى هذا النوع متشابهاً؟ ولا شبيه له في كلام الناس أبداً؟ .. ثم المتشابه ذو مدلول .. وكيف يتصور مدلول لأحرف غير مركبة في كلمات؟. وقد وصفها النبيء بانها: ألف حرف ولام حرف وميم حرف.
لا أشك أنها كانت معلومة المقصد عند الصحابة.
أما إنها لمعجزة بإعجاز القرآن كله، داخلة في معنى الإعجاز دخول الجزء في الكل .. وكيف لا يكون معجزاً إذا لك يكن معلوماً، وكيف نصل إلى أوجه هذا الإعجاز.
وغني عن البيان أن نقول: إن هذا النظر يجب أن يكون من أهل النظر في التفسير وعلوم الكتاب.
أرجو من فضيلتك أن ترعى هذا الجهد لعل الله يكتب على يديك أمراً من حكمته ..
¥