ولا سبيل إلى القول بأنه إلهام؛ لأن ذلك لا يكون من غير النبي وحيا حتى يعمل به ما عمل من قتل النفس وتعريض الأنفس للغرق.
فإن قلنا: إنه نبي، فلا إنكار في ذلك.
وأيضا كيف يكون غير النبي أعلم من النبي، وقد أخبر النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح أن الله تعالى قال لموسى: بلى عبدنا خضر.
وأيضا كيف يكون النبي تابعاً لغير النبي.
16 وقال الثعلبي: هو نبي في جميع الأقوال.
ص:67
17 وكان بعض أكابر العلماء يقول: أول عقدة تحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبياً؛ لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي؛ كما قال قائلهم (ابن عربي):
مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي
18 قال أبو جعفر بن جرير في تاريخه: كان الخضرممن كان في أيام "افريدون" الملك بن أثفيان في قول عامة أهل الكتاب الأوّل. وقيل موسى بن عمران -
وقيل: إنه كان على مقدَّمة ذي القرنين الأكبر الذي كان أيام إبراهيم خليل الرحمن - وهو الذي قضى له بئر السبع -وهي بئر كان إبراهيم احتفرها لماشيته في صحراء الأردن- وإن قوماً من أهل الأردن ادعوا الأرض التي احتفر بها إبراهيم بئره فحاكمهم إبراهيم إلى ذي القرنين الذي ذكر أن الخضر كان على مقدمته أيام سيره في البلاد وأنه بلغ مع ذي القرنين - الذي ذكر أن الخضر كان ملتزمه - نهر الحياة فشرب من مائه - وهو لا يعلم ولا يعلم به ذو القرنين ومن معه - فخلد فهو حي عندهم إلى الآن.
19 - قال ابن جرير وذكر ابن إسحاق أن الله تعالى استخلف على بني اسرائيل رجلا منهم يقال له ناشية بن أموص وبعث الخضر معه نبيا.
ص:68
20 وقال ابن جرير بين هذا الوقت وبين أفريدون أزيد من ألف عام.
وقال وقول من قال إنه كان في أيام أفريدون أشبه بالحق إلا أن يحمل على أنه لم يبعث نبيا إلا في زمن ذلك الملك.
21 قلت بل يحتمل أن يكون قوله وبعث الخضر معه نبيا أي أيده لا أن ذلك الوقت كان وقت إنشاء نبوته فلا يمتنع أن يكون نبيا قبل ذلك.
وإنما قلت ذلك لأن غالب أخباره مع موسى هي الدالة على تصحيح قول من قال إنه كان نبيا.
22 ثم اختلف من قال إنه كان نبيا هل كان مرسلا فجاء عن ابن عباس ووهب بن منبه أنه كان نبيا غير مرسل.
وجاء عن إسماعيل بن أبي زياد ومحمد بن إسحاق وبعض أهل الكتاب أنه ارسل إلى قومه فاستجابوا له.
ونصر هذا القول أبو الحسن الرماني ثم ابن الجوزي.
وقال الثعلبي: هو نبي على جميع الأقوال، معمر محجوب عن الأبصار.
وقال أبو حيان في تفسيره: والجمهور على أنه نبي. وكان علمه معرفة بواطن أوحيت إليه، وعلم موسى الحكم بالظاهر.
ص:69
23 وذهب إلى أنه كان وليا جماعة من الصوفية، وقال به أبو علي بن أبي موسى من الحنابلة وأبو بكر بن الأنباري في كتابه الزاهر؛ بعد أن حكى عن العلماء قولين هل كان نبيا أو وليا؟.
وقال أبو القاسم القشيري في رسالته لم يكن الخضر نبيا وإنما كان وليا.
24 وحكى الماوردي قولا ثالثا أنه ملك من الملائكة يتصور في صور الآدميين مغيرا ذاتا.
25 وقال أبو الخطاب بن دحية لا ندري هو ملك أو نبي أو عبد صالح.
26 وجاء من طريق أبي صالح - كاتب الليث- عن يحيى بن [ص:70] أيوب عن خالد بن يزيد أن كعب الأحبار قال:
إن الخضر بن عاميل ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ بحر الترك وهو بحر الصين فقال لأصحابه دلوني فدلوه في البحر أياما وليالي ثم صعد.
فقالوا له يا خضر ما رأيت فلقد أكرمك الله وحفظ لك نفسك في لجة هذا البحر؟.
قال استقبلني ملك من الملائكة فقال لي كيف وقد أهوى رجل من زمان داود النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة وذلك منذ ثلاث مائة سنة.
أخرجه أبو نعيم في ترجمة كعب من الحلية".
وفي "الزهر النضر .. " فوائد علمية وتاريخية وحديثية أخرى.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[05 Mar 2010, 05:51 م]ـ
أخي ابراهيم طلبت منك أن تضع لي الآيات التي قرر الشيخ أن الرحمة والعلم هي مختصة بالنبوة ,وأبشرك أني قد ضغطت الزر عدة مرات ولم أفهم هذا الإستقراء , فهل لك أن تبينه لي , ضع الآيات وستجد ما يقابلها لغير الأنبياء ,إلا آية واحدة قابلها الخضر.
نص كلام الشيخ رحمه الله تعالى في الأضواء:
¥