[الإفادات والإنشادات للشاطبي، وتأويل آيتين كريمتين منه.]
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[03 Mar 2004, 05:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مع أن أبا إسحاق الشاطبي (790هـ) رحمه الله، ليس من المكثرين في التأليف، إلا أن كتابه الموافقات قام مقام كتب جمه، فهو كتاب ليس له نظير بين كتب الفقه وأصوله، وقل أن يستغني عنه فقيه أو مفسر، فقد أحسن فيه ماشاء، فكان بمثابة الفتح والتجديد في آن واحد في علمي إصول الفقه ومقاصد الشرع المطهر، وقد أنسى كتابه الموافقات بعض كتبه الاخرى كالاعتصام، فمع أنه لم يتمه رحمه الله إلا أنه يعد من أعظم المراجع العلمية عند حراس العقيدة والناهين عن البدع المحدثه، وقد كنت أقرأ له في كتابه الماتع الخفيف المحمل، كتاب الافادات والانشادات فوجد ت فيه لطائف تفسيريه، أحببت أن اتحف بها القراء الكرام , مع بعض الملاحظات الموجودة على الكتاب،المغمورة في بحر علمه وفضله رحمه الله.
وهذا العالم الجليل من القلائل الذين مدوا بعلمهم وفضلهم جسور التواصل العلمي بين المشارقة والمغاربه، وقد شاركه في هذه الميزة قلائل من أهل العلم كأبن عبد البر وابن حزم والقرافي وقلائل سواهم رحم الله الجميع. ومع أن هذا الموضوع شيق، ويحتاج لكتابة واسعة قد تخالف مسار هذا الملتقى، فأعود للمقصود، وأحيل من أراد الاستزاده لبعض الدراسات والبحوث (للأسف الكتاب الذي الاحالة اليه ليس حاضرا بين يدي الان، إياك أن تعير كتابا) إلا أنه كتاب جيد، تجدونه في مكتبات الرياض / موضوعه القرافي حلقة وصل بين المشارقة والمغاربه / في مجلدين كبيرين، ط دار الغرب.
نعود للمقصود وعذرا للاستطراد
إفادة ـ 77 ـــ (تأويل آيتين)
قال رحمه الله: (قال لي الاستاذ الجليل أبوسعيد بن لب ـحفظه الله ـ: سئلت عن قوله تعالى في سورة النساء (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها الانهارخالدين فيها) الايه فجمع قوله (خالدين) وقال بعد: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها) فأفرد (خالدا).
قال: وأجبت أن الجنة لماكان لأهلها فيها اجتماعات، وليس فيها فرقة ولاتوجد، جاء قوله تعالى (خالدين فيها) اعتبارا بالمعنى الحاصل في الجنة من الاجتماع، ولما كان أهل النار على الضد من هذا وكل واحد منهم في تابوت من النار، حتى يقول أحدهم: إنه ليس في النار إلا هو جاء قوله تعالى (خالدا فيها) اعتبارا بهذا المعنى.
فعرضت على شيخي الامام الاستاذ ابي عبد الله بن الفخارهذا السؤال فأجاب عنه: بأنه تعالى ذكر في الاولى جنات متعدده لاجنة واحده فقال (ندخله جنات) والضمير المنصوب في (ندخله) وإن كان مجموعا في المعنى فهو في اللفظ مفرد، والمفرد من حيث هو مفرد لايصح أن يكون في جنات متعدده معا، فجاء (خالدين) ليرفع ذلك الايهام اللفظي، فهو اعتبار لفظي ومناسبة لفظية، وإن كان المعنى صحيحا، وأما الاية الثانية فإنما فيها نار مفرده، فناسبها الإفراد في خالدا). أهـ
وقد حوى الكتاب إنشادات جيده مسندة عن ابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ وغيره من الفقهاء.
وبالمناسبة فقدا ستخرجت مجموع الفتاوى له من المعيارالمعرب للونشريسي رحمه الله، وأفردت بكتاب مستقل مطبوع متداول.
وهذا الكتاب ـ المعيار ـ كتاب حافل حوى علماً غزيراً في العقيدة والفقه والتفسير، وسأفرده بمقال إن شاء الله أتحدث فيه عن الجوانب المتعلقة بالتفسير المدرجة في بعض مجلداته.
وفق الله الجميع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Mar 2004, 09:38 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذه النفائس العلمية التي لا تفتأ تقتنصها لنا من ذخائر قراءاتك في بطون الأسفار. وقد أحسن صنعاً باختياركك وإشارتك إلى هذا العالم الجليل، فهو كما أشرت وفوق ما أشرت من الفضل، ودقة المنزع، على قلة تصانيفه، وندرة بعضها. فشرحه لألفية ابن مالك لا يعرفه كثير من المعتنين بالعربية مع نفاسته، وجودته.
ونحن في انتظار ما ستكتبه لنا حول كتاب الونشريسي جزاك الله خيراً، ونفع بعلمكم أخي الكريم.