الحلقة الثانية من المهمات في علوم القرآن ـ للشيخ خالد السبت ـ وعذراً على التأخر.
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[19 Mar 2004, 05:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
فالأمر الأول الذي نتحدث عنه في هذه المهمات هو {موضوع الوحي}
تعريف الوحي:
أولاً: معناه في اللغة:
أصحاب المعاجم اللغوية يذكرون للوحي معاني كثيرة منها:
1/ الكتابة ومنه قول رؤبة بن العجاج:
وحى لها القرار فاستقرت وشدها بالراسيات الثُّبَّتِ
يعني أن الله عز وجل وحى لها ـ أي الأرض ـ ومعنى وحى لها أي: ألهمها أو أمرها أو كتب لها القرار فاستقرت كما قال الله عز وجل: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا* بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) (الزلزلة:4، 5)
2/ و من معانيه أيضاً: الإشارة، والرمز، وهو معنىً صحيح من معاني الوحي كما قال الشاعر:
فأوحى إليها الطرف أني أحبها فأثر ذاك الوحي في وجناتها
يعني أنه أشار إليها بعينه إشارة معينة فهمت منها رسالة معينة فظهرت الحمرة على وجناتها من الحياء.
3/ ومن معانيه التي يذكرونها في كتب اللغة أيضاً: الإلهام، وهو أحد التفسيرات لقول رؤبة السابق:
وحى لها القرار فاستقرت ...................
أي: ألهمها ذلك.
4/ ومن معانيه أيضاً: الإعلام في سرعة وخفاء.
ومن معانيه الأخرى: المكتوب، والبعث، و الأمر، وبه فسر بعضهم قول رؤبة أيضا:
وحى لها القرار فاستقرت ........................
أي: أمرها بالقرار. وكذلك الإيماء والتصويت شيئاً بعد شيء، وقيل: أصل الوحي التفهيم.وكل ما دللت به من كلام أو كتابة أو رسالة أو إشارة فهو وحي. إلى غير ذلك من المعاني التي لربما بلغت اثني عشر معنىً في كتب اللغة وغيرها كفتح الباري لابن حجر ـ رحمه الله ـ، لكنها كلها ترجع إلى أصل واحد تدور عليه هذه المعاني الكثيرة وهو ما ذكره (ابن فارس) في كتابه المقاييس في اللغة بقوله: " الواو والحاء والحرف المعتل ـ الألف المقصورة ـ، أصل يدل على إلقاء علم في إخفاء أو غيره، يعني الإلقاء بخفية أو الإلقاء من غير خفية إلى غيرك ... إلى أن قال: وكل ما ألقيته إلى غيرك حتى علمه فهو وحي كيف كان ـ يعني بخفية أو بغير خفية ـ وكل ما في باب الوحي فراجع إلى هذا الأصل الذي ذكرناه."
والخلاصة: أن معنى الوحي في كلام العرب: يدل على إلقاء علم بخفية أو غيرها، وأكثر ما يستعمل في كلام العرب في الإلقاء السريع الخفي.
ثانياً: اطلاقات واستعمالات (الوحي) في القرآن:
وردت هذه اللفظة ـ الوحي ـ في كتاب الله عز وجل بمختلف الاستعمالات؛ في اثنين وتسعين موضعاً، ولو أردنا أن نصنف هذه المواضع ونجمع المتماثلات مع بعضها، وننظر في المعنى الذي دلت عليه في كل موضع، فإننا نجد أنها تدور على معانٍ متعددة في كتاب الله عز وجل، ومن هذه المعاني ما يلي:
أولاً: أنها ترد في كتاب الله عز وجل ويراد بها: الوحي بالمعنى الخاص، والمقصود بالمعنى الخاص للوحي: الوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد ورد ذلك في مواضع كثيرة من كتاب الله تبارك وتعالى؛ كما قال الله عز وجل: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) (النساء:163) وكما قال سبحانه (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) (الشورى: من الآية13)، وكقوله سبحانه (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65)، وكقوله جل شأنه: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) (يوسف: من الآية3) وكقوله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا) (الشورى: من الآية52)،وكقوله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا) (الشورى: من الآية7). فهذه الآيات وغيرها
¥