تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الفرق بين كل من الاتجاه والمنهج والطريقة عند الباحثين المعاصرين]

ـ[القميحي]ــــــــ[09 Mar 2004, 06:23 ص]ـ

كثر في الدراست المتأخرة استعمال الاصطلاحات الثلاثة ولأن هذه المفردات الثلاث مصطلحات حديثة ولا نكاد نجد لها ذكراً عند أصحاب الدراسات القرآنية الأوائل فإن أصحابها في العصر الحديث لا تكاد تجدهم يتفقون على معنى واحد لكل منها فالاتجاه مثلا فعلى الرغم من حداثته وعدم استخدام السابقين له بالمفهوم الموجود الآن في الدراسات القرآنية؛ إلا أن ذلك لا يمنع محاولة تلمس مفهوم عام له يتفق عليه الباحثون، فلا ينازع أحد في أن الاتجاه يمثل فكرة كلية أو إطاراً عاماً ينضبط به سير المفسر، ويعكس لنا بصدق مصدر ثقافته الذي تأثر به وسار على ضوئه في تفسيره، بحيث يكون هذا الفكر العام غالباً على تفسيره، ويكاد أن يُدرَكَ لأول وهلة، وهذا الاتجاه يتحدد أساساً بمجموعة الآراء والأفكار والمعتقدات والمباحث التي تشيع في عمل فكري – كالتفسير – بصورة أوضح من غيرها، وتكون غالبة على ما سواها، ويحكمها إطار نظري أو فكرة كلية

أما منهج المفسر فهو " الأفكار النظرية والقناعات العلمية التي تعامل بها المفسر وعالج بها قضايا التفسير، مع إبراز رأيه وتحديد مواقفه حيال هذه القضايا بكل وضوح، ويكون ذلك عبر تتبع واستقراء كلامه على الموضوع الواحد في جميع المواطن المتفرقة من تفسيره. عندئذ تبرز لنا الأسس والضوابط التي سار عليها المفسر ثم تجمع في نسق واحد يعرف بمنهج المفسر" وإذا نظرنا إلى التفاسير التي تنسب إلى اتجاه واحد - سواء كان ذلك الاتجاه أثرياً أو اجتهادياً - نرى أن لكل تفسير منها منهجاً متميزاً، وخطاً واضحاً سلكه المفسر من أول تفسيره إلى آخره وإن كان الجميع ينسب إلى اتجاه واحد. خذ مثلاً اتجاه التفسير بالمأثور – وإن كان ذلك لا يدرك لأول وهلة – وكيف سلك المنتسبون إليه مناهج مختلفة، فبينما هو عند أبي حاتم والبخاري يميل نحو " الحديث " نراه عند ابن كثير يميل إلى الفقه، وعند ابن عطية يميل إلى اللغة.

وكذلك اتجاه التفسير بالرأي، سلك مفسروه مناهج مختلفة، فهو عند الفخر الرازي جدلي علمي كلامي، وعند الزمخشري منهجي لغوي بياني.

بل وجدنا مناهج مختلفة داخل الاتجاه التجديدي المعاصر. فالمنار إصلاحي اجتماعي، والظلال وجداني ذوقي، وعند أمين الخولي وبنت الشاطئ لغوي بياني، وعند الشعراوي لغوي موسوعي.وهكذا ظهرت مناهج متعددة للمفسرين تدور داخل اتجاهاتها الأصلية أو التقليدية، فعرف المنهج الفقهي والمنهج العلمي، والمنهج البياني، والمنهج الاجتماعي، والمنهج الإشاري، وكلُّ له أصوله وسماته وملامحه الطريقة:

وإذا كان لكل مفسر – في الأغلب – أسلوب واحد في تناول الآيات القرآنية بشكل متسلسل كما هي عليه في المصحف الشريف، إلا أنه كان لكل مفسر طريقة شكلية في تناول النص القرآني، فيبدأ أحدهم بالنص ثم بيان معاني المفردات ووجوه البلاغة فيها ثم أسباب النزول، ويأتي مفسر ثانٍ ليذكر النص أولاً ثم يمزج بين المفردات وبين المعنى الإجمالي للنص، ويختلف ثالث فيجمع الآيات المتفرقة التي تتناول قضية واحدة فيتناولها بالتفسير؛ من غير مراعاة لترتيبها في المصحف، فعنايته بالموضوع لا بالترتيب، وقد يقتصر المفسر على رأيه وقد يورد آراء المفسرين ويقارن بينها ثم يختار ما يراه الأصح منها، وأحياناً يميل المفسر إلى الإكثار من القراءات، بينما لا يذكرها غيره إلا نادراً، وقد نرى مفسراً يتعرض للردود على موهمات الخلاف، وهذا ما نستطيع أن نسميه "طريقة المفسر" أو " أسلوبه ومن ثم يمكننا تعريف الطريقة بأنها " كيفية استخدام المفسر لأفكاره المنهجية وتطبيقها في تفسير الآيات والترتيب بين هذه الأفكار، وما ينقل حول الآيات من آثار كأسباب النزول وقراءات القرآن وناسخه ومنسوخه وغيرها، ثم ترتيبه الداخلي بين هذه الموضوعات مجتمعة إذن علاقة الطريقة بالمنهج علاقة الشكل بالموضوع، فالمنهج متعلق بالموضوع – وقد يتطرق إلى الناحية الشكلية – بينما الطريقة تعُنى بالدراسة الوضعية الشكلية

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير