تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من قواعد التفسير (1)]

ـ[أحمد القصير]ــــــــ[13 Mar 2004, 02:49 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فقد اطلعت على ما كتبه الأستاذ الفاضل: خالد الباتلي، حفظه الله من دعوة لجمع قواعد التفسير، والمشاركة في هذا الموضوع، وبداية أشكر أخي خالد على هذه الفكرة، وأشاركه الرأي في أهمية هذا الموضوع، وقد كانت تعن في ذهني منذ زمن، فلما رأيته كتب نشطت في ذلك.

=================

القاعدة الأولى (1)

عموم النص الوارد ابتداء من غير سبب، أولى بالتقديم من عموم النص الوارد على سبب خاص.

شرح القاعدة:

حينما يرد نصان ظاهرهما التعارض، وكلاهما قد وردا بصيغة العموم؛ فإن النص الوارد ابتداء يبقى على عمومه ويكون مخصصاً لعموم النص الوارد على سبب خاص.

مثال ذلك:

قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الاَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الاَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33].

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال – وحوله عصابة من أصحابه -: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ؛ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك»

أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (18)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الحدود، حديث (1807)

ظاهر الآية الكريمة أن إقامة الحد على المحاربين لا تسقط عنهم العقوبة في الآخرة؛ وذلك لقوله {وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وأما الحديث ففيه أن من أقيم عليه الحد فهو كفارة له، ويلزم منه سقوط العقوبة في الآخرة، وهذا يوهم الاختلاف والتناقض بين الآية والحديث.

والأظهر - والله تعالى أعلم – أن آية الحرابة عامة في المسلمين وغيرهم، إلا أن وعيد الآخرة المذكور فيها خاص فيمن نزلت فيهم الآية، وهم العرنيون الذين سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إسلامهم، وحاربوا الله ورسوله، فكان جزاؤهم أن لهم خزي في الدنيا - وهو ما نفذ فيهم من التقطيع والقتل - ولهم في الآخرة عذاب عظيم؛ بسبب أنهم قُتِلوا وهم مرتدين.

وأما أهل الحرابة من المسلمين فإنهم غير داخلين في هذا الوعيد، أعني قوله تعالى {وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وذلك لحديث عبادة رضي الله عنه، في أن من أقيم عليه الحد من المسلمين فهو كفارة له.

وحديث عبادة مخصص لعموم الآية في وعيد الآخرة فقط، وأما باقي الآية فهي على عمومها.

قال الحافظ ابن كثير: «والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات». يعني في إقامة الحد عليهم.

وإنما قلنا حديث عبادة مخصص لعموم الآية؛ لأنه ورد ابتداء من غير سبب، فيكون عمومه أقوى، وأما الآية فإنها نزلت على سبب خاص فيكون حكمها مقصورا على السبب، ويعمم فيما لم يرد به نص.

ومثال آخر:

كقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23].

و قوله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4]

ـ[د. حسين بن علي الحربي]ــــــــ[13 Mar 2004, 10:26 م]ـ

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسل الله أجمعين وبعد،

فلقد اطلعت على ما نادى به الأخ خالد الباتلي، وكذا اطلعت على ماكتبه الأخ أحمد القصير في الموضوع

فوجدت فكرة المشروع في حد ذاتها ممتازة، والموضوع خصب للغاية، ويستحق الاهتمام، وقولي هذا من واقع خبرة بالموضوع لسنوات عديدة.

لكني لا أرى الآلية التي اقترحها الأخ خالد أو المسلك الذي طرح به الأخ أحمد؛ لأن سرد الخواطر، أوتسجيل المعلومات من خلال القراءات العابرة يجمع لنا جملة من القواعد ولايحقق عمل موسوعي كما نادى به مقترح الموضوع، بل تبقى كثير من القواعد تند عن الجمع بهذه الآلية.

ومن وجهة نظري أن العمل الموسوعي في هذا الموضوع لايتحقق إلا إذا التزم فريق عمل باستقراء كتب التفسير استقراء كاملا وتستخرج القواعد وأمثلتها، كأن يلتزم أحد طلبة العلم باستقراء تفسير ابن جرير وآخر بتفسير ابن كثير وهكذا بقية كتب التفسير، مع ضرورة التزام الدقة في الاستقراء لكيلا يضطرب أداء العمل في البحث ويتفاوت من باحث لآخر.

مع اقتراحي على المشرفين على الموقع في حالة نجاح الفكرة وتوزع هذه المهام من قبل الباحثين، واجتماع المادة العلمية بأن تشكل لجنة علمية من ذوي الاختصاص لدراسة هذه المادة وفهرستها وتوثيقها، هذه وجهة نظر قابلة للتحسين.

مع تمنياتي للجميع بااتوفيق والتسديد، أخوكم: حسين الحربي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير