تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ليعش المفسر زمانه]

ـ[ابن الشجري]ــــــــ[02 Mar 2004, 07:02 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الرد على المخالف سبيل حق , ومهيع واسع، وجادة مطروقة , في كل عصر ومصر , والناظر في كتب شيخ الاسلام رحمه الله، يجد أن اكثرها قام على هذا الاساس المتين من العلم، فلولم يعش زمانه وينظر في منعطفاته، ويمضي قلمه في نحر كل مناوئ للاسلام وأهله لكان غيرماكان، لقد نظر ـ رحمه الله ـ في كتب الضلال التي صدرت في عهده على كثرتها، ونصب لها منجنيق حق، فنسفها نسفا، مع تميزهم في ذلك العصرعلى ضلالهم بتضلعهم من العلوم الكلامية واللسانية، من فلاسفة وملاحدة وروافض ... ، لكن أسكتهم لسان الحق حتى لم تقم لهم قائمة.

ومازال اذنابهم كالعقرب تلوح بذيلها قبل شيخ الاسلام وبعده الى يومنا هذا، حتى اشتدت شوكتهم في زمن الرويبضة هذا ولاحول ولاقوة الا بالله.

وليس مرادي هنا التنظير للرد على المخالف، أو بيان فضل ذلك، وأنه من أعظم أبواب النصح لله ولكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد سطرت في هذا كتب مستقله حافلة، ليست خافية على أهل العلم والفضل من القراء الكرام.

إنما مرادي الإشارة إلى أن طالب العلم ـ والمفسرهنا على وجه الخصوص ـ لابد أن يعيش أيامه، ويعرف علوم زمانه ورجاله، ومالهم أو عليهم، حتى لاتغيب عنه بعض الحقايق، وربما مرعلي بعضهم زمن انقضى، لم يكن أحدهم يجالس فيه إلامن ضمتهم الاجداث، حتى أحدث لهم ذلك نفرة من الناس والحياة ـ وهذه أتاوة لابد أن يؤديها عشاق الكتب ـ فليست بالطريقة المثلى لطالب العلم، فلربما لم تساعده حتى العباره لتأدية مكنون صدره من علم يبثه بين أهله، ولربما استغلقت عليه الواضحات بين أقرانه وخلانه لغربة لسان العصر على سمعه وقلبه، فمع أن لغة العلم واحدة في كل العصور، إلا أن الناس غير الناس، فالانسان مدني بالطبع، يؤثر ويتأثر بكل ماحوله , وماالإنسان إلا ابن بئته ومجتمعه، تسري اليه طبيعته سريان الماء في جوف الشجر، ومانعيشه اليوم من تفاوت بين طلاب العلم في مداركهم وتنوع رغباتهم، وتباين شديد بين بعض أرائهم، حتى لربما أثر ذلك في اختيار العالم لوجه مباين للآخر في بعض مسائل العلم، إلا شاهد صدق لماذكرت، يعرف ذلك من تفنن في قراء ته بين المشارقة والمغاربة وغيرهم.

وهاهم الاقزام كأقزام كل عصر، وإن كانوا في عصرنا اشد مكرا وأضحل علما، يعشرون تعشير الحمار شرقا ومغربا، فهل نعرض عنهم الذكر صفحا، ونقبل على مانحن فيه من مسارات لحياتنا العلمية و (الاكاديمية)، أم نقابل الشبهة بالحجة، ونمضي جهاد القلم، فنضرب في نحورهم ضربة لازب، تأخذ بتلابيبهم فتصرعهم من اعلاهم حتى تدعهم كأعجاز نخل خاوية، كمافعل اسلافنا ـ رحمهم الله ـ لقد أمات الله بالإمام أحمد فتنة عظيمة وأخمدبه نارها، وقل أن تجد عالما مبرزا إلا وله سهام مبرية تصيب الغرة من نحر كل مبتدع أوناشرفتنة في زمانه، فمستقل ومستكثر، إلى يومنا هذا، وليس بخاف ماكتبة المعلمي رحمه الله في الذب عن جناب الدين وأعلامه، حتى عد كتابه التنكيل من أعظم المراجع عند بعض المتخصصين في علم الحديث وغيره.

إنها سلسلة مباركة تشنف بذكرها الاسماع من علماء طالما قاموا لله، فبه كانوا وله عاشوا وعليه ماتوا، فرحمهم الله رحمة تزورهم في أجداثهم تنير لهم القبور، ووهبنا لسان صدق به نقوم مقامهم من بعدهم، فتالله ماداهنو وماتعثروا في معاداة أعداء الله وإن كان من أبناء جلدتهم، أوأبنائهم أو أبائهم، ورحم الله الامام المحدث صاحب السنن، أبو داود السجستاني فقد كان ينصح عدم الاخذ عن ابنه، ويتهمه بالكذب، نصحا لله ولرسوله، مع تزكية أهل العلم له.

ما أحسن السلامة، وماأسهل طريقها، وما أشقى من عدل عنها وهولايستطيع غيرها، لكن هذه الشرذمة أخذت تتكاثر تكاثر الفراش، فليس لهم دواء كنار تضرم ليتهافتوا فيها، فماهم الامعول هدم للاسلام , وإن تكلموا بلسانه، وزعموا أنهم من حماته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير