[النسخ في القرآن - رأي آخر]
ـ[الخطيب]ــــــــ[03 Apr 2004, 02:53 م]ـ
يعتبر موضوع النسخ من أخطر الموضوعات المطروحة في فكرنا الإسلامي، بل إننا نكاد نجزم بأنه أخطرها على الإطلاق حيث رفضته بعض الطوائف ولم تستوعبه بعضها، وهو اتجاه في يتجدد الان أو قل يتمدد.
أقسام النسخ في القرآن:
يتحدث العلماء عن النسخ في القرآن ويقسمونه أقساما ثلاثة
1. نسخ الحكم دون التلاوة وهو الأصل الذي لا خلاف حوله إلا من قبل من لا يقرون النسخ أصلا ويمزجون بينه وبين البَداء وعلى النقيض رأينا كثيرين يسرفون في القول به ويعمدون إلى كل ما توهموه متعارضا من كل وجه فيسقطون عليه الحكم بالنسخ حتى ألفينا كتبا طوالا عراضا حملت اسم " الناسخ والمنسوخ " فوهموا في ذلك وأوهموا ولو أمعنوا النظر في أكثر ما أوردوه لما جعلوه في باب النسخ وكم كان السيوطي حصيفا في قوله – في الإتقان -: وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة وهوعلى الحقيقة قليل جدًا وإن أكثر الناس من تعديد الآيات فيه فإن المحققين منهم كالقاضي أبي بكر بن العربي بين ذلك وأتقنه.أ. هـ
وقد حصر السيوطي مواضع النسخ في القرآن في بضعة عشر موضعا وبالنسبة لنا فيها نظر أيضا، فمن أين جاءت هذه الكتب الكاملة في الناسخ والمنسوخ بمواضعها؟
لست أدري!!!!
لكن مما لا يغيب عن وعينا أن الحكم بالنسخ وعدمه في أكثر مواضع النسخ المطروحة هو محض اجتهاد ولذا نجد كثيرا من المواضع التي قال فيها البعض بالنسخ يلجأ البعض الآخرفيها إلى النفي لماذا؟
لأن النسخ في جوهره ما هو إلا ورود دليلين متعارضين من كل وجه لا يستطيع الفقيه التوفيق بينهما بأي وجه من الوجوه فيلجأ إلى القول بالنسخ بأن يحكم بأن المتأخر من الدليلين ناسخ للمتقدم.
وهنا تتفاوت الرؤى فبينما يبدو لفقيه أن التعارض التام حاصل بين الدليلين يبدو لغيره أن التوفيق بينهما ممكن بحيث يعمل الدليلان معا في آن.
ولنضرب مثالا لذلك حتى يكون الأمر بينا واضحا:
لجأ البعض إلى أن قوله تعالى في سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} منسوخ بقوله تعالى في سورة التغابن: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} بالنظر إلى أن حد حق التقوى أرفع من حد الاستطاعة ومن ثم لجأوا إلى القول بالنسخ في ضوء الطرح المذكور
لكن هذا الكلام غير مقبول من قبل الكثيرين – وهو الأرجح – لماذا لأن الدليلين ليسا متعارضين كل التعارض كما فهم القائلون بالنسخ بل من السهل في فهمٍ آخر للنصين الحكمُ بأنه لا نسخ فيهما وأن كليهما يعملان فمن استطاع أن يقيم حق التقوى فقد بلغ رأس الأمر وذروة سنامه ومن لم يستطع فله ما استطاع لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وبذا يتضح لنا أنه لا نسخ في ذلك
أقول: هذا التسرع من قبل البعض أفرغ كمًّا من الأدلة قضوا فيها بالنسخ بينما الأمر على خلاف ذلك ومن ثم وضعت قاعدة تقول " إعمال الدليلين من وجه أولى من إعمال أحدهما وإهمال الآخر من كل وجه " وقد تختصر إلى " الإعمال أولى من الإهمال "
2. نسخ التلاوة والحكم وهو القسم الذي انحسر التمثيل له في موضع واحد
دل عليه حديث مسلم عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كان فيما أنزل الله عشر رضعات معلومات فنسخت بخمس معلومات، فحكم العشر رضعات غير معمول به إجماعاً وإنما الخلاف في التحريم برضعة واحدة على نص القرآن في قوله: {وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} وبظاهر نص القرآن أخذت الحنفية والمالكية فحرّموا برضعة وبحديث عائشة أخذت الشافعية والحنابلة فحرموا بخمس رضعات. وهذه رواية آحاد لا تثبت قرآنا ولا حتى قراءة فمثل هذا لا يتعدى أن يكون خبر آحاد تضمن حكما شأنه شأن غيره من أخبار الآحاد ولا أدل على عدم اعتباره من كون جمهرة الفقهاء لم يعولوا عليه في تحديد عدد الرضعات التي تثبت الحرمة فلا منسوخه وهو عشر رضعات ولا ناسخه وهو خمس عندهم بمعتبر حيث قليل الرضاع وكثيره عندهم سواء بلا حد ولا عد.
3. نسخ التلاوة دون الحكم وهو كسابقه يعتمد في إثباته على خبر آحاد هو المعروف بآية الرجم " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة "
ما قيمة هذه الرواية وما مدى قدرتها على إثبات قرآنية حتى لو كانت منسوخة؟
هذا ما سنعرفه الآن!!!!
¥