تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كتاب (معاني القرآن) للفرّاء ـــ بهاء الدين الزهوري. باحث سوري.

ـ[أبو حاتم]ــــــــ[12 Mar 2004, 02:01 ص]ـ

مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 91

مقدمة:

يعتبر كتاب (معاني القرآن) للفراء (1)، دراسة مكملة ـ من الناحية اللغوية ـ لكتاب (مجاز القرآن) لأبي عبيدة، لأنه يبحث في التراكيب والإعراب، وكتاب (المجاز) في الغريب والمجاز، وكلتا الدراستين متعلقتان بالأسلوب، واختلفت دراسة الفراء هنا عن دراسة أبي عبيدة، وكان لهذا الخلاف أسبابه التي سنراها عما قليل. و كان الفراء (144 - 207) هـ من أعلم الكوفيين بالنحو واللغة.

واسم الكتاب (معاني القرآن) لم يكن أول اسم أطلق على كتاب في دراسات من هذا النوع، كما كان المجاز مثلاً. وقد اهتم كثير من النحويين واللغويين في القرون الثلاثة الأولى للهجرة بوضع كثير من الكتب تحت اسم (معاني القرآن)، ومن هؤلاء: الكسائي، والنضر بن شميل، وقطرب، والأخفش ... وغيرهم وأينما ذكر أصحاب التفسير أصحاب المعاني فإنما يقصدون هؤلاء.

تحليل الكتاب:

يبدأ الفراء بتفسير القرآن سورة سورة ـ بعد مقدمة قصيرة ـ بترتيب تنازلي بحيث يشرح ما في الآيات من الغريب والإعراب والقراءات شروحاً مختلفة، لغوية ونحوية وإخبارية وأدبية، وقد يبيّن أسباب النزول ثم يسند كلما وجد إلى السند سبيلاً.

ويرى أحد الباحثين أن الفراء أول من تناول تفسير القرآن بترتيب السور معتمداً على نص لابن النديم ليس قاطعاً (2)، إلا أن كتاب (المجاز) ينفي هذا الظن أو يشكك فيه.

منهج الكتاب:

بدأ بسورة الفاتحة، ثم البقرة ... وهكذا تنازلياً، ويتعرض لآيات كل سورة آية آية بالترتيب ـ ولم يقتصر على الغريب كما فعل أبو عبيدة شارحاً ومفسراً لغريب الألفاظ ويقف كلما استدعاه الأمر للوقوف، لقراءة في آية، يصححها، وينفيها أو يضعفها، ثم يفسرها تفسيراً نحوياً، ويوجه ما يحتاج منها إلى التوجيه النحوي أو اللغوي، ويأتي بالأمثلة والشواهد ثم يدرج المسألة جميعاً تحت قاعدة عامة.

ويتبع في تفسير الغريب قاعدة واحدة، هي التي اتبعها أبو عبيدة من قبل، تلك هي شرح الآية بالآية، ثم بالحديث إذا تسنى ذلك، ثم بالشاهد الشعري، أو المثل، أو الكلام الفصيح. وإذا تعرض لأسباب النزول فإنما يروي بالسند عن أئمة المفسرين من الصحابة والتابعين. ومثال ذلك من الكتاب: تفسيره للآية: (أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ((3) فيقول: (قرأها يحيى بن وثاب وأبو جعفر المدني): أليس الله بكاف عباده، على الجمع، وقرأها الناس: عبده، وذلك أن قريشاً قالت للنبي (ما تخاف أن تحملك آلهتنا لعيبك إياها، فأنزل الله تبارك وتعالى: (أليس الله بكافٍ عبده (محمداً (، فكيف يخوفونك من دونه؟. والذين قالوا عباده قالوا قد همت أمم الأنبياء بها وعددهم مثل هذا فقالوا لشعيب: (إِنْ نقُولُ إلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتنَا بِسُوءٍ ((4) فقال الله تبارك وتعالى: (أَليس الله بكافٍ

عبده (، أي محمداً والأنبياء قبله صلى الله عليهم وسلم، وكُلٌّ صواب.

ويهتم الفراء بالقراءات فيعرض لها في الآية مبيناً وجهة نظر كل قارئ مفسراً قراءته، وقد تتعدد القراءات وتتعدد آراء المفسرين، فيفاضل بين آرائهم مختاراً ما يراه قريباً من الصواب، ويرى أن النسق في الآية يوجب الترجيح لقراءة ما، أو التصحيح للفظ، مثل قوله في تفسير الآية: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ ((5) فيورد بعض الأقوال في تفسير الأشد ويتبعها بقوله: (والأول أشبه بالصواب لأن الأربعين أقرب إلى النسق إلى ثلاث وثلاثين منها إلى ثماني عشرة، ألا ترى أنك تقول: أخذت غالية المال أو كله، فيكون أحسن من أن تقول: أخذت أقل المال أو كله).

ويطرح ما لا يتفق وكلام العرب من القراءات، ولا يختلف مع التفسير، ومثال ذلك ما قال في الآية: (وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيْمٌ حَمِيْماً ((6) لا يقال لحميم أين حميمك، ولست أشتهي ذلك لأنه مخالف للتفسير، ولأن القرَّاء مجمعون على يَسْأل.

ويغلب النقل على الكتاب، والتفسير المأثور، وكثيراً ما يذكر في ختام كلامه عبارة: (وبذلك جاء التفسير) أو (وجاء في التفسير كذا) أو (وذكر المفسرون). هذا إذا لم ينص على صاحب التفسير أو يسنده إليه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير