تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إشكال حول جمع لفظ (السماوات) في آية (كانتا رتقا ففتقناهما)]

ـ[أخوكم]ــــــــ[07 Mar 2004, 07:47 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في سورة الأنبياء عند الآية رقم 30 قال الله عز وجل:

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ

للعلماء في هذه الآية عدة أقوال من أهمها _ في نظري القاصر _ قولان مشهوران:

1 - فالسماوات والأرض كانتا رتقا أي ملتصقتا ففتقهما أي فصلهما عن بعضهما

فهذا القول _ بغض النظر عن الدخول في فرضية صحته _ من الصعب حمل المعنى الأول لسياق الآية والسورة عليه.

وإلا أصبح سياق الآية والسورة والموضوع كالتالي:

يا من كفرتم بالله بما أنكم ترون السماوات والأرض كانتا رتقا ففقناهما فيدلكم هذا على قدرة الله وعلى البعث ... الخ!!!

فالسياق بهذا الشكل فيه ما فيه من الضعف الذي لا يخفى، إذ كيف يتم الاستدلال بشيء غائب على شيء غائب؟!!!

والصحيح أن يستدل بشيء حاضر على شيء غائب

ولذا كان القول الثاني المشهور هو الأقوى اطلاقا وعليه الكثير من أهل العلم والتفسير

وهو أليق وألصق بالسياق

وهو كالتالي:

2 - أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ

كانت السماء رتقا لا تمطر والأرض رتقا لا تنبت، ففتق الله السماء فأمطرت وفتق الأرض فأنبتت ..

فبهذا المعنى يتم الاستدلال بشكل عقلي صحيح لأنه استدلال بشيء حاضر على شيء غائب .. بمعنى:

يا من كفرتم كما ترون أمامكم كيف ينزل الماء من السماء فينبت به نبات الأرض فاعلموا أن الله قادر وسيخرجكم من قبوركم كما يخرج النبات

وهذا التفسير للآية له شواهد لا تحصى كثرة في القرآن مثل:

- كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

- وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ {9} وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ {10} رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ

- ... الخ

هذا فضلا عن شواهد في نفس الآية تشهد لذلك التفسير بالصحة مثل قوله سبحانه في نفس تلك الآية " وجعلنا من الماء كل شيء حي " ... الخ

ولكن

هناك إيراد قوي على هذا التفسير لتلك الآية حيث قالوا:

إن كان المعنى ما ذكرتم وأن السماء كانتا رتق ففتقها بالمطر فلماذا قال السماوات ولم يقل السماء ... فالمطر لا يأتي من السماوات كما هو مشاهد بل يأتي من سماء الدنيا

فمن ضمن من رد على إيرادهم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي _ رحمه الله _ في كتابه أضواء البيان بقوله:

إنما أطلق عليه لفظ الجمع لأن كل قطعة منها سماء كما يقال ثوب أخلاق وبرمة أعشار

وإشكالي الآن كالتالي:

فضلا على أني لم أستوعب كلام الشيخ الشنقيطي بشكل كامل، ولكن كأني ألمح فيه ضعفا لن يشفي ما في نفسي

ولا أدري ألديكم إجابة شافية كافية مانعة جامعة على إشكالي السابق أم لا؟

بارك الله فيكم

ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[08 Mar 2004, 03:58 م]ـ

بسم الله ....

هذا هو رأيي الشخصي و لا أفرضه على أحد فكل يؤخذ من قوله و يرد إلا المعصوم المصطفى.

أنا أميل للتفسير الأول لقوله (رتقا) مفرد و (فتقناهما) مثنى و ليس جمعا و هذا يعطي الإنطباع بفتق شيئين و ليس أشياء كالسموات (جمع) و الأرض. عموما هذا تفسير "انطباعي" و ربما كانت هناك وجوه في اللغة أجهلها لا تسوغ هذا التفسير.

يقول د. جاري ميللر - داعية و مهتدي كندي - أن قوله "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا" قمة في الإعجاز لأن الذين حصلوا على جائزة نوبل لإيجادهم الدليل العلمي على نظرية الإنفجار العظيم لنشأة الكون كانوا اثنين من الكفار .... فالكفار شهود على إعجاز القرآن و قد ردد الشيخ الشعراوي - رحمه الله - كلاما قريبا من هذا في كتابه (معجزة القرآن).

و هذا لا يعني أني أرفض التفسير الآخر فهو - حسب علمي - منقول عن السلف و هم على العين و الرأس.

ـ[أخوكم]ــــــــ[18 Mar 2004, 06:05 م]ـ

السلام عليكم

الأخ المبارك د. هشام عزمي

جزاك الله كل خير على مشاركتك الطيبة

وبالنسبة للتفسير الآخر فليس السلف فقط الذين قالوا به ولكن القرآن يشهد له كثيرا

وبقي اشكال الجمع في كلمة (السماوات)

ومرة أخرى اقول: جزاك الله كل خير

وما زلتُ أطمع في مزيد من التوضيح والمدارسة

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2004, 10:48 م]ـ

وما المانع من حمل الآية على المعنيين كليهما؟

وقد ذكر ابن عاشور ما يحتمله لفظا الرتق والفتق من المعاني، ثم قال:

(والظاهر أن الآية تشمل جميع ما تحقق فيه معاني الرتق والفتق؛ إذ لا مانع من اعتبار معنى عام يجمعها جميعاً فتكون الآية قد اشتملت على عبرة تعم كل الناس، وعلى عبرة خاصة بأهل النظر والعلم؛ فتكون من معجزات القرآن العلمية.) التحرير والتنوير 17/ 56

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير