تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فسورة الفاتحة كما قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ (باختصار وتصرف) اشتملت على:

1/ التعريف بالمعبود تبارك وتعالى بثلاثة أسماء، مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا إليها، ومدارها عليها: وهي الله، والرب، والرحمن.

2/ وبنيت السورة على الإلهية (اياك نعبد)، والربوبية (وإياك نستعين)، والرحمه: (اهدنا الصراط المستقيم .. ) والحمد يتضمن الأمور الثلاثة، فهو المحمود في إلاهيته وربوبيته ورحمته.

3/ أن الثناء والمجد كمالان لجده.

4/ وتضمنت السورة إثبات المعاد، وجزاء العباد بأعمالهم حسنها وسيئها، (مالك يوم الدين).

5/ وتضمنت السورة إثبات النبوات وذلك من خلال:

أنه رب العالمين: فلا يليق أن يترك الله تعالى عباده سدى هملاً لا يعرفهم ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم وما يضرهم فيهما فهذا هضم للربوبية ونسبة الرب تعالى الى ما لا يليق به.

وأنه الله الذي لا معبود بحق إلا هو: ولا سبيل للعباد إلى معرفة عبادته إلا من طريق رسله.

وأنه الرحمن: فإن رحمته تمنع إهمال عباده أو عدم تعريفهم ما ينالون به غاية كمالهم. فمن أعطى اسم الرحمن حقه عرف أنه متضمن لإرسال الرسل، وإنزال الكتب، أعظم ما تضمنه إنزال الغيث وإنبات الكلأ، وإخراج الحب فاقتضاء الرحمة لما تحصل به حياة القلوب والأرواح أعظم من اقتضائها لما تحصل به حياة الأبدان والأشباح. لكن المحجوبون إنما أدركوا من هذا الاسم حظ البهائم والدواب. وأدرك منه أولوا الألباب أمرا وراءه ذلك.

وأثبتت السورة النبوات من ذكر يوم الدين فإنه اليوم الذي يدين الله به العباد فيه بأعمالهم، فيثيبهم على الخيرات، ويعاقبهم على المعاصي والسيئات، وما كان الله ليعذب أحدا قبل إقامة الحجة عليه، والحجة إنما قامت برسله وكتبه وبهم استحق الثواب والعقاب، وبهم قام سوق يوم الدين وسيق الأبرار إلى النعيم والفجار إلى الجحيم.

وأثبتت السورة النبوات من قوله (إياك نعبد) فإن ما يعبد به الرب تعالى لا يكون إلا على ما يحبه ويرضاه، وعبادته ـ هي شكره وحبه وخشيته ـ فطري ومعقول للعقول السليمة. لكن طريق التعبد وما يعبد به لا سبيل إلى معرفته إلا برسله وبيانهم وفي هذا بيان أن إرسال الرسل أمر مستقر في العقول يستحيل تعطيل العالم عنه كما يستحيل تعطيل الصانع عنه فمن أنكر الرسل فقد أنكر المرسل، ولم يؤمن به، ولهذا جعل الله سبحانه الكفر برسله كفرا به.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير