ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Nov 2009, 12:43 ص]ـ
ذكر الإمام ابن كثير أقوالاً كثيرة في المراد بالصلاة الوسطى في قول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]
ثم قال: (وقيل: بل الصلاة الوسطى مجموع الصلوات الخمس، رواه ابن أبي حاتم عن ابن عمر، وفي صحته أيضا نظر.
والعجب أن هذا القول اختاره الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري، إمام ما وراء البحر، وإنها لإحدى الكبر، إذ اختاره -مع اطلاعه وحفظه -ما لم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا أثر.) تفسير ابن كثير / دار طيبة - (1/ 653)
تعليق: في عزو هذا القول لابن عبدالبر -رحمه الله- نظر، فلم يقل إن المراد بالصلاة الوسطى جميع الصلوات، وإنما قال بعد ذكره لأشهر الأقوال في هذه المسألة:
(قال أبو عمر:
كل ما ذكرنا قد قيل فيما وصفنا، وبالله توفيقنا، وهو أعلم بمراده عز وجل من قوله: {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}. وكل واحدة من الخمس وسطى لأن قبل كل واحدة منهن صلاتين وبعدها صلاتين كما قال زيد بن ثابت في الظهر والمحافظة على جميعهن واجب والله المستعان.) هكذا قال في التمهيد
وقال في الاستذكار - وقد ألفه بعد التمهيد -: (والاختلاف القوي في الصلاة الوسطى إنما هو في هاتين الصلاتين [يقصد الفجر والعصر]، وما روي في الصلاة الوسطى في غير الصبح والعصر ضعيف لا تقوم به حجة.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Nov 2009, 03:15 م]ـ
ومن الأقوال المردودة ما ذكره الإمام ابن قتيبة في كتابه غريب القرآن في قوله في أول كتابه هذا:
(وكتابنا هذا مستنبط من كتب المفسرين، وكتب أصحاب اللغة العالمين. لم نخرج فيه عن مذاهبهم، ولا تكلَّفنا في شيء منه بآرائنا غيرَ معانيهم، بعد اختيارنا في الحرف أَوْلَى الأقاويلِ في اللغة، وأشْبَهَهَا بقصةِ الآية.
ونَبَذْنَا مُنكَرَ التأويل، ومَنحولَ التفسير. فقد نَحَلَ قومٌ ابنَ عباس، أنه قال في قول الله جل وعز: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} إنها غُوِّرتْ؛ من قول الناس بالفارسية: كُورْ بِكِرد [في اللسان 6/ 472 - 473 "كورْ بِكِرْ" وانظر الدر المنثور 6/ 318، والبحر المحيط 8/ 431، والإتقان 1/ 238، والمعرب للجواليقي 287.].
وقال آخر في قوله: {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا} أراد سَلْني سبيلا إليها يا محمدُ.
وقال الآخر في قوله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} إن الويل: وادٍ في جهنمَ.
وقال الآخر في قوله: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} إن الإبل: السحابُ. [سورة الغاشية 17، وفي اللسان 13/ 5 "قال أبو عمرو بن العلاء: من قرأها (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) بالتخفيف، يعني به البعير؛ لأنه من ذوات الأربع يبرك فيحمل عليه الحمولة، وغيره من ذوات الأربع لا يحمل عليه إلا وهو قائم. ومن قرأها بالتثقيل، قال: الإبل: السحاب التي تحمل الماء للمطر" وانظر البحر المحيط 8/ 464 والكشاف 4/ 207.]
وقال الآخر في قوله: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}: إن النعيم: الماء الحار في الشتاء.
وقال الآخر في قوله: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}: إن الزينة: المُشطُ.
وقال آخر في قوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} إنها الآرَابُ التي يَسجد عليها المرء؛ وهي جبهتهُ ويداه، وركبتاه وقدماه.
وقال الآخر في قوله: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَى} أن تُجعل كلُّ واحدة منهما ذكَرًا؛ يريد: أنهما يَقومان مَقام رجل، فإحداهما تُذكِّر الأخرى.
مع أشباهٍ لهذا كثيرة؛ لا ندري: أَمِن جهة المفسرين لها وَقَع الغلطُ؟ أو من جهة النَقَلة؟) انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Dec 2009, 05:32 م]ـ
جاء في تفسير ابن كثير رحمه الله: ({سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} فيه تضمين دل عليه حرف "الباء"، كأنه مُقَدر: يستعجل سائل بعذاب واقع. كقوله: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} أي: وعذابه واقع لا محالة.
قال النسائي: حدثنا بشر بن خالد، حدثنا أبو أسامة، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} قال: النضر بن الحارث بن كَلَدَة.
وقال العوفي، عن ابن عباس: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} قال: ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع.
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: تعالى {سَأَلَ سَائِلٌ} دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة، قال: وهو قولهم: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32].
وقال ابن زيد وغيره: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} أي: واد في جهنم، يسيل يوم القيامة بالعذاب. وهذا القول ضعيف، بعيد عن المراد. والصحيح الأول لدلالة السياق عليه.) انتهى
قلت: قول ابن زيد هذا تفسير لقراءة من قرأ: (سالَ سَائِلٌ) فلم يهمز سأل، ووجهه إلى أنه فعل من السيل. وهي قراءة نافع وابن عامر.
جاء في زاد المسير لابن الجوزي:
(ومن قرأ بلا همز ففيه قولان.
أحدهما: أنه من السؤال أيضاً، وإنما لَيَّن الهمزة، يقال سأل، وسال، وأنشد الفراء:
تَعَالَوْا فَسَالُوا يَعْلمِ النَّاسُ أَيُّنَا ... لِصَاحِبِهِ في أَوَّلِ الدَّهْرِ تَابِع
والثاني: المعنى سال وادٍ في جهنم بالعذاب للكافرين، وهذا قول زيد بن ثابت، وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن، وكان ابن عباس في آخرين يقرؤون «سَالَ سَيْلٌ» بفتح السين، وسكون الياء من غير ألف ولا همز.)
وعلى هذا؛ فتضعيف ابن كثير لهذا القول، وحكمه عليه بالبعد فيه مبالغة ونظر. والله أعلم