تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التفرقة بين الرسل بأن يؤمنوا ببعضهم ويكفروا ببعضهم عبر عن هؤلاء وهؤلاء بأنهم الذين يكفرون بالله ورسله وعد تفرقتهم بين الله ورسله وتفرقتهم بين بعض رسله وبعض كفرا بالله وبرسله إن الإيمان وحدة لا تتجزأ الإيمان بالله إيمان بوحدانيته سبحانه ووحدانيته تقتضي وحدة الدين الذي ارتضاه للناس لتقوم حياتهم كلها كوحدة على أساسه ويقتضي وحدة الرسل الذين جاءوا بهذا الدين من عنده لا من عند أنفسهم ولا في معزل عن إرادته ووحيه ووحدة الموقف تجاههم جميعا ولا سبيل إلى تفكيك هذه الوحدة إلا بالكفر المطلق ; وإن حسب أهله أنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض وكان جزاؤهم عند الله أن أعد لهم العذاب المهين أجمعين أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينًا أما المسلمون فهم الذين يشتمل تصورهم الاعتقادي على الإيمان بالله ورسله جميعا ; بلا تفرقة فكل الرسل عندهم موضع اعتقاد واحترام ; وكل الديانات السماوية عندهم حق ما لم يقع فيها التحريف فلا تكون عندئذ من دين الله وإن بقي فيها جانب لم يحرف إذ أن الدين وحدة وهم يتصورون الأمر كما هو في حقيقته إلها واحدا ارتضى للناس دينا واحدا ; ووضع لحياتهم منهجا واحدا وأرسل رسله إلى الناس بهذا الدين الواحد وهذا المنهج الواحد وموكب الإيمان في حسهم موصول يقوده نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وإخوانهم من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم جميعا ونسبهم هم إلى هذا الموكب الموصول عريق ; وهم حملة هذه الأمانة الكبرى وهم ورثة هذا الخير الموصول على طول الطريق المبارك لا تفرقة ولا عزلة ولا انفصام وإليهم وحدهم انتهى ميراث الدين الحق وليس وراء ما عندهم إلا الباطل والضلال وهذا هو الإسلام الذي لا يقبل الله غيره من أحد وهؤلاء هم المسلمون الذين يستحقون الأجر من الله على ما عملوا ويستحقون منه المغفرة والرحمة فيما قصروا فيه أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيمًا والإسلام إنما يتشدد هذا التشدد في توحيد العقيدة في الله ورسله لأن هذا التوحيد هو الأساس اللائق بتصور المؤمن لإلهه سبحانه كما أنه هو الأساس اللائق بوجود منظم غير متروك للتعدد والتصادم ولأنه هو العقيدة اللائقة بإنسان يرى وحدة الناموس في هذا الوجود أينما امتد بصره ولأنه هو التصور الكفيل بضم المؤمنين جميعا في موكب واحد يقف أمام صفوف الكفر وفي حزب واحد يقف أمام أحزاب الشيطان ولكن هذا الصف الواحد ليس هو صف أصحاب الاعتقادات المحرفة ولو كان لها أصل سماوي إنما هو صف أصحاب الإيمان الصحيح والعقيدة التي لم يدخلها انحراف ومن ثم كان الإسلام هو الدين وكان المسلمون خير أمة أخرجت للناس المسلمون المعتقدون عقيدة صحيحة العاملون بهذه العقيدة لا كل من ولد في بيت مسلم ولا كل من لاك لسانه كلمة الإسلام وفي ظل هذا البيان يبدو الذين يفرقون بين الله ورسله ويفرقون بين بعض الرسل وبعض منقطعين عن موكب الإيمان مفرقين للوحدة التي جمعها الله منكرين للوحدانية التي يقوم عليها الإيمان بالله

الدرس الثالث: جرائم اليهود ضد الأنبياء.

وبعد تركيز تلك القاعدة الأساسية في التصور الإسلامي عن حقيقة الإيمان وحقيقة الكفر فيما يتعلق بالرسل والرسالات يأخذ في استعراض بعض مواقف اليهود في هذا المجال وفي مجال الجهر بالسوء الذي بدى ء به هذا الدرس منددا بموقفهم من النبى ص ورسالته وتعنتهم في طلب الآيات والأمارات منه ويقرن بين موقفهم هذا وما كان لهم من مواقف مع نبيهم موسى عليه السلام ثم مع رسول الله من بعده عيسى عليه السلام وأمه مريم فإذا هم جبلة واحدة في أجيالهم المتتابعة والسياق يوحد بين الجيل الذي يواجه الرسول ص والجيل الذي واجه عيسى عليه السلام والجيل الذي واجه موسى كذلك من قبل ليؤكد هذا المعنى ويكشف عن هذه الجبلة يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ; فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا ; وقلنا لهم لا تعدوا في السبت ; وأخذنا منهم ميثاقا غليظا فيما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير