تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

طبيعتهم الغليظة إذ نظروا فرأوا الصخرة معلقة فوق رؤوسهم ; تهددهم بالوقوع عليهم ; إذا هم لم يستسلموا ولم يتعهدوا بأخذ ما أعطاهم الله من العهد ; وما كتب عليهم من التكاليف في الألواح عندئذ فقط استسلموا ; وأخذوا العهد ; وأعطوا الميثاق ميثاقا غليظا مؤكدا وثيقا يذكره بهذه الصفة ليتناسق المشهد مع غلظ الصخر المرفوع فوقهم وغلظ القلب الذي في صدورهم ثم يعطي إلى جانب التناسق معنى الجسامة والوثاقة والمتانة على طريقة القرآن الكريم في التعبير بالتصوير وبالتخييل الحسي والتجسيم وكان في هذا الميثاق أن يدخلوا بيت المقدس سجدا وأن يعظموا السبت الذي طلبوا أن يكون لهم عيدا ولكن ماذا كان إنهم بمجرد ذهاب الخوف عنهم ; وغياب القهر لهم تملصوا من الميثاق الغليظ فنقضوه وكفروا بآيات الله وقتلوا أنبياءه بغير حق وتبجحوا فقالوا إن قلوبنا لا تقبل موعظة ولا يصل إليها قول لأنها مغلفة دون كل قول وفعلوا كل الأفاعيل الأخرى التي يقصها الله سبحانه على رسوله وعلى المسلمين في مواجهة اليهود في سياق هذه الآيات فيما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف وعند قولهم قلوبنا غلف وهي القولة التي كانوا يجيبون بها على دعوة الرسول ص إما تيئيسا له من إيمانهم واستجابتهم وإما استهزاء بتوجيه الدعوة إليهم وتبجحا بالتكذيب وعدم الإصغاء وإما هذا وذلك معا عند قولهم هذا ينقطع السياق للرد عليهم بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا فهي ليست مغلفة بطبعها إنما هم كفرهم جر عليهم أن يطبع الله على قلوبهم فإذا هي صلدة جامدة مغطاة لا تستشعر نداوة الإيمان ولا تتذوق حلاوته فلا يقع منه الإيمان إلا قليلا ممن لم يستحق بفعله أن يطبع الله على قلبه أي أولئك الذين فتحوا قلوبهم للحق واستشرفوه فهداهم الله إليه ورزقهم إياه وهم قلة قليلة من اليهود كعبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسد بن سعية وأسد بن عبيدالله وبعد هذا الاستدراك والتعقيب يعود السياق إلى تعداد الأسباب التي استحقوا عليها ما استحقوا من تحريم بعض الطيبات عليهم في الدنيا ومن إعداد النار وتهيئتها لهم لتكون في انتظارهم في الآخرة وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله ويكرر صفة الكفر كلما ذكر إحدى منكراتهم فقد ذكرها عند قتلهم الأنبياء بغير حق وما يقتل نبي بحق أبدا فهي حال لتقرير الواقع وذكرها هنا بمناسبة قولهم على مريم بهتانا عظيما وقد قالوا على مريم الطاهرة ذلك المنكر الذي لا يقوله إلا اليهود فرموها بالزنا مع يوسف النجار لعنة الله عليهم ثم تبجحوا بأنهم قتلوا المسيح وصلبوه وهم يتهكمون بدعواه الرسالة فيقولون قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وحين يصل السياق إلى هذه الدعوى منهم يقف كذلك للرد عليها وتقرير الحق فيها وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ; ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيمًا إن قضية قتل عيسى عليه السلام وصلبه قضية يخبط فيها اليهود كما يخبط فيها النصارى بالظنون فاليهود يقولون إنهم قتلوه ويسخرون من قوله إنه رسول الله فيقررون له هذه الصفة على سبيل السخرية والنصارى يقولون إنه صلب ودفن ولكنه قام بعد ثلاثة أيام و التاريخ يسكت عن مولد المسيح ونهايته كأن لم تكن له في حساب وما من أحد من هؤلاء أو هؤلاء يقول ما يقول عن يقين فلقد تتابعت الأحداث سراعا ; وتضاربت الروايات وتداخلت في تلك الفترة بحيث يصعب الاهتداء فيها إلى يقين إلا ما يقصه رب العالمين والأناجيل الأربعة التي تروي قصة القبض على المسيح وصلبه وموته ودفنه وقيامته كلها كتبت بعد فترة من عهد المسيح ; كانت كلها اضطهادا لديانته ولتلاميذه يتعذر معه تحقيق الأحداث في جو السرية والخوف والتشريد وقد كتبت معها أناجيل كثيرة ولكن هذه الأناجيل الأربعة اختيرت قرب نهاية القرن الثاني للميلاد ; واعتبرت رسمية واعترف بها ; لأسباب ليست كلها فوق مستوى الشبهات ومن بين الأناجيل التي كتبت في فترة كتابة الأناجيل الكثيرة إنجيل برنابا وهو يخالف الأناجيل الأربعة المعتمدة في قصة القتل والصلب فيقول ولما دنت الجنود مع يهوذا من المحل الذي كان فيه يسوع سمع يسوع دنو جم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير