تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

غفير فلذلك انسحب إلى البيت خائفا وكان الأحد عشر نياما فلما رأى الخطر على عبده أمر جبريل وميخائيل ورفائيل وأوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم فجاء الملائكة الأطهار وأخذوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب فحملوه ووضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح إلى الأبد ودخل يهوذا بعنف إلى الغرفة التي أصعد منها يسوع وكان التلاميذ كلهم نياما فأتى الله العجيب بأمر عجيب فتغير يهوذا في النطق وفي الوجه فصار شبيها بيسوع حتى أننا اعتقدنا أنه يسوع أما هو فبعد أن أيقظنا أخذ يفتش لينظر أين كان المعلم لذلك تعجبنا وأجبنا أنت يا سيدي معلمنا أنسيتنا الآن إلخ وهكذا لا يستطيع الباحث أن يجد خبرا يقينا عن تلك الواقعة التي حدثت في ظلام الليل قبل الفجر ولا يجد المختلفون فيها سندا يرجح رواية على رواية وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن أما القرآن فيقرر قراره الفصل وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وماقتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيمًا ولا يدلي القرآن بتفصيل في هذا الرفع أكان بالجسد والروح في حالة الحياة أم كان بالروح بعد الوفاة ومتى كانت هذه الوفاة وأين وهم ما قتلوه وما صلبوه وإنما وقع القتل والصلب على من شبه لهم سواه لا يدلي القرأن بتفصيل آخر وراء تلك الحقيقة ; إلا ما ورد في السورة الأخرى من قوله تعالى يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي وهذه كتلك لا تعطي تفصيلا عن الوفاة ولا عن طبيعة هذا التوفي وموعده ونحن على طريقتنا في ظلال القرآن لا نريد أن نخرج عن تلك الظلال ; ولا أن نضرب في أقاويل وأساطير ; ليس لدينا من دليل عليها وليس لنا إليها سبيل ونعود من هذا الاستطراد مع عودة السياق القرآني إلى بقية هذا الاستدراك وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ; ويوم القيامة يكون عليهم شهيدًا وقد اختلف السلف في مدلول هذه الآية باختلافهم في عائد الضمير في موته فقال جماعة وما من أهل الكتاب من أحد إلا يؤمن بعيسى عليه السلام قبل موته أي عيسى وذلك على القول بنزوله قبيل الساعة وقال جماعة وما من أهل الكتاب من أحد إلا يؤمن بعيسى قبل موته أي موت الكتابي وذلك على القول بأن الميت وهو في سكرات الموت يتبين له الحق حيث لا ينفعه أن يعلم ونحن أميل إلى هذا القول الثاني ; الذي ترشح له قراءة أبى إلا ليؤمنن به قبل موتهم فهذه القراءة تشير إلى عائد الضمير ; وأنه أهل الكتاب وعلى هذا الوجه يكون المعنى أن اليهود الذين كفروا بعيسى عليه السلام وما زالوا على كفرهم به وقالوا إنهم قتلوه وصلبوه ما من أحد منهم يدركه الموت حتى تكشف له الحقيقة عند حشرجة الروح فيرى أن عيسى حق ورسالته حق فيؤمن به ولكن حين لا ينفعه إيمان ويوم القيامة يكون عيسى عليهم شهيدا بذلك يحسم القرآن الكريم قصة الصلب ثم يعود بعدها إلى تعداد مناكر اليهود ; وما نالهم عليها من الجزاء الأليم في الدنيا والآخرة فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليمًا فيضيف إلى ما سبق من مناكرهم هذه المنكرات الجديدة الظلم والصد الكثير عن سبيل الله فهم ممعنون فيه ودائبون عليه وأخذهم الربا لا عن جهل ولا عن قلة تنبيه فقد نهوا عنه فأصروا عليه وأكلهم أموال الناس بالباطل بالربا وبغيره من الوسائل بسبب من هذه المنكرات ومما أسلفه السياق منها حرمت عليهم طيبات كانت حلالا لهم وأعد الله للكافرين منهم عذابا أليمًا وهكذا تتكشف هذه الحملة عن كشف طبيعة اليهود وتاريخهم ; وفضح تعلاتهم وعدم الاستجابة للرسول وتعنتهم ; ودمغهم بالتعنت مع نبيهم وقائدهم ومنقذهم ; ويسر ارتكابهم للمنكر وجهرهم بالسوء في حق الأنبياء والصالحين بل قتلهم والتبجح بقتلهم وتسقط بذلك وتتهاوى دسائس اليهود في الصف المسلم وكيدهم ومكرهم وحبائلهم وتعرف الجماعة المسلمة ما ينبغي أن تعرفه الأمة المسلمة في كل حين عن طبيعة اليهود وجبلتهم ووسائلهم وطرائقهم ; ومدى وقوفهم للحق في ذاته سواء جاء من غيرهم أو نبع فيهم فهم أعداء للحق وأهله وللهدى وحملته في كل أجيالهم وفي كل أزمانهم مع أصدقائهم ومع أعدائهم لأن جبلتهم عدوة للحق في ذاته ; جاسية قلوبهم غليظة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير