تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

منهج الله لا كما تبتغي الشهوات والأهواء التي تضل العقل وتغطي الفطرة بالركام ونقف من هذه اللفتة لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وقفة أخرى نقف منها أمام التبعة العظيمة الملقاة على الرسل صلوات الله عليهم ومن بعدهم على المؤمنين برسالاتهم تجاه البشرية كلها وهي تبعة ثقيلة بمقدار ما هي عظيمة إن مصائر البشرية كلها في الدنيا وفي الآخرة سواء منوطة بالرسل وبأتباعهم من بعدهم فعلى أساس تبليغهم هذا الأمر للبشر تقوم سعادة هؤلاء البشر أو شقوتهم ويترتب ثوابهم أو عقابهم في الدنيا والآخرة إنه أمر هائل عظيم ولكنه كذلك ومن ثم كان الرسل صلوات الله عليهم يحسون بجسامه ما يكلفون وكان الله سبحانه يبصرهم بحقيقة العبء الذي ينوطه بهم وهذا هو الذي يقول الله عنه لنبيه إنا سنلقي عليك قولا ثقيلًا ويعلمه كيف يتهيأ له ويستعد يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا وهذا هو الذي يشعر به نبيه ص وهو يأمره أن يقول وأن يستشعر حقيقة ما يقول قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددًا إنه الأمر الهائل العظيم أمر رقاب الناس أمر حياتهم ومماتهم أمر سعادتهم وشقائهم أمر ثوابهم وعقابهم أمر هذه البشرية التي إما أن تبلغ إليها الرسالة فتقبلها وتتبعها فتسعد في الدنيا والآخرة وإما أن تبلغ إليها فترفضها وتنبذها فتشقى في الدنيا والآخرة وإما ألا تبلغ إليها فتكون لها حجة على ربها وتكون تبعة شقائها في الدنيا وضلالها معلقة بعنق من كلف التبليغ فلم يبلغ فأما رسل الله عليهم الصلاة والسلام فقد أدوا الأمانة وبلغوا الرسالة ومضوا إلى ربهم خالصين من هذا الالتزام الثقيل وهم لم يبلغوها دعوة باللسان ولكن بلغوها مع هذا قدوة ممثلة في العمل وجهادا مضنيا بالليل والنهار لإزالة العقبات والعوائق سواء كانت هذه العقبات والعوائق شبهات تحاك وضلالات تزين أو كانت قوى طاغية تصد الناس عن الدعوة وتفتنهم في الدين كما صنع رسول الله ص خاتم النبيين بما أنه المبلغ الأخير وبما أن رسالته هي خاتمة الرسالات فلم يكتف بإزالة العوائق باللسان إنما أزالها كذلك بالسنان حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله وبقي الواجب الثقيل على من بعده على المؤمنين برسالته فهناك أجيال وراء أجيال جاءت وتجيء بعده ص وتبليغ هذه الأجيال منوط بعده بأتباعه ولا فكاك لهم من التبعة الثقيلة تبعة إقامة حجة الله على الناس ; وتبعة استنقاذ الناس من عذاب الآخرة وشقوة الدنيا إلا بالتبليغ والأداء على ذات المنهج الذي بلغ به رسول الله ص وأدى فالرسالة هي الرسالة ; والناس هم الناس وهناك ضلالات وأهواء وشبهات وشهوات وهناك قوى عاتية طاغية تقوم دون الناس ودون الدعوة ; وتفتنهم كذلك عن دينهم بالتضليل وبالقوة الموقف هو الموقف ; والعقبات هي العقبات والناس هم الناس ولا بد من بلاغ ولا بد من أداء بلاغ بالبيان وبلاغ بالعمل حتى يكون المبلغون ترجمة حية واقعة مما يبلغون وبلاغ بإزالة العقبات التي تعترض طريق الدعوة ; وتفتن الناس بالباطل وبالقوة وإلا فلا بلاغ ولا أداء إنه الأمر المفروض الذي لا حيلة في النكوص عن حمله وإلا فهي التبعة الثقيلة تبعة ضلال البشرية كلها ; وشقوتها في هذه الدنيا وعدم قيام حجة الله عليها في الآخرة وحمل التبعة في هذا كله وعدم النجاة من النار فمن ذا الذي يستهين بهذه التبعة وهي تبعة تقصم الظهر وترعد الفرائص وتهز المفاصل إن الذي يقول إنه مسلم إما أن يبلغ ويؤدي هكذا وإلا فلا نجاة له في دنيا ولا في أخرى إنه حين يقول إنه مسلم ثم لا يبلغ ولا يؤدي كل ألوان البلاغ والأداء هذه إنما يؤدي شهادة ضد الإسلام الذي يدعيه بدلا من أداء شهادة له تحقق فيه قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا وتبدأ شهادته للإسلام من أن يكون هو بذاته ثم ببيته

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير