تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يخبرنا الله عز وجل كيف كانت بداية خلق أبينا آدم عليه السلام، وكيف كان استغراب الملائكة من ذلك الأمر، وهم قد رأوا ما يفعله الجن في الأرض لأنهم سبقوا الإنس في العيش في الأرض بفترات زمنية طويلة، قيل ألفي سنه (1) فرأوا مفاسد الجن، وسفكهم للدماء فقارنوا هذا الجنس الجديد بأولئك، فرد عليهم الله بأنه يعلم سبحانه ما لا يعلمون، قال بن كثير رحمه الله: " أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم فإني سأجعل فيهم الأنبياء وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم. وهكذا علمنا أن قوله خليفة أي يخلف من قبله ممن سكن الأرض من الجن، ويأتمر بأمر الله عز وجل ويعيش في ظل شريعة الله، قال الطبري رحمه الله:" فقال: {إني أعلم ما لا تعلمون} يقول: إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره (2) , قال: ثم أمر بتربة آدم فرفعت , فخلق الله آدم من طين لازب - واللازب: اللزج الصلب من حمأ مسنون - منتن. قال: وإنما كان حمأ مسنونا بعد التراب. قال: فخلق منه آدم بيده.قال فمكث أربعين ليلة جسدا ملقى , فكان إبليس يأتيه فيضربه برجله فيصلصل - أي فيصوت - قال: فهو قول الله: {من صلصال كالفخار} يقول: كالشيء المنفوخ الذي ليس بمصمت , قال: ثم يدخل في فيه ويخرج من دبره , ويدخل من دبره ويخرج من فيه , ثم يقول: لست شيئا! للصلصلة , ولشيء ما خلقت! لئن سلطت عليك لأهلكنك , ولئن سلطت علي لأعصينك. قال: فلما نفخ الله فيه من روحه , أتت النفخة من قبل رأسه , فجعل لا يجري شيء منها في جسده إلا صار لحما ودما، فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده, فأعجبه ما رأى من حسنه, فذهب لينهض فلم يقدر, فهو قول الله: {وكان الإنسان عجولا}، قال: ضجرا لا صبر له على سراء ولا ضراء. قال: فلما تمت النفخة في جسده عطس فقال: الحمد لله رب العالمين, بإلهام من الله تعالى. فقال الله له: يرحمك الله يا آدم. قال: ثم قال الله للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السموات: اسجدوا لآدم! فسجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس أبى واستكبر لما كان حدث به نفسه من كبره واغتراره , فقال: لا أسجد له وأنا خير منه وأكبر سنا وأقوى خلقا , خلقتني من نار وخلقته من طين. يقول: إن النار أقوى من الطين. قال: فلما أبى إبليس أن يسجد أبلسه الله , وآيسه من الخير كله , وجعله شيطانا رجيما عقوبة لمعصيته".

الوقفات

1 - إثبات كلام الله عز وجل.

2 - إثبات علم الله لغيب السموات والأرض وكل شيء.

3 - إثبات حكمة الله عز وجل في الخلق ووجوب التسليم بذلك.

4 - إثبات كفر إبليس وتمرده على أوامر الله.


(1) وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا على بن محمد الطنافسي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: كان الجن بنو الجان في الأرض قبل أن يخلق آدم بألفي سنة فأفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء فبعث الله جندا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوا بجزائر البحور فقال الله للملائكة: " إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " قال: إني أعلم ما لا تعلمون. (تفسير ابن كثير).
(2) عندما قاتل هو والملائكة الجن، أغتر وأطلع الله على كبريائه، فهو يعلم سبحانه ما لا تعلمه الملائكة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير