ـ[الخطيب]ــــــــ[26 Mar 2005, 06:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخانا الكريم الدكتور أبا مجاهد العبيدي
أنا في تصوري أخي الكريم أن القرآن الكريم قد اهتم بتقرير البدهيات في بعض آياته التي تخاطب فكريا منحرفي الفطرة الذين غيبوا عقولهم ورضوا بأن يكون هواهم فوق كل شيء اقرأ مثلا هذه الآية التي ترد على المشتبهين بما هو مقرر بداهة (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) إذ كيف يستساغ في عقل من له عقل أن يتعلم العربي أبلغ كلام في لغته من أعجمي لا يحسن مبادئ العربية؟
وفي مجال الأحكام نستطيع أن نجد كثيرا من الآيات التي تقرر للفطرة السوية أحكام الله التي هي فطرته التي فطر الناس عليها وهي كثيرا ما تبدو بدهيات لا يملك العقل أمامها سوى التسليم ومع ذلك فلم يكن ثمت بد من ذكرها لأن طريق المعرفة بالنسبة لنا هو الشرع، لا مسلمات العقل وبدهياته، ويحمل على هذا آيات منها قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً} لاحظ قوله تعالى: {وَمَقْتاً} إنه تصريح بالبغض البدهي لهذا العمل غير المستساغ ولأجل هذا كان يسمى هذا النوع من النكاح نكاح المقت حتى قبل تحريم القرآن له {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل} فهل يستسيغ عقل إباحة أكل أموال الناس بالباطل وقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ} وهو خبر في معنى الطلب وقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْت} فهل يستساغ مع الفطرة السليمة نكاح الأم أو البنت أو …….
وقوله تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُوا} ومَنْ مِن الناس يستطيع التخلي عن الطعام والشراب؟
وكيف ننسى تحريم الخمر وأن الصحابة رضي الله عنهم هم من لم يستسيغوها حتى راح عمر يطلب أن يبين الله فيها بيانا شافيا حتى انتهى الأمر إلى تحريمها في منهجية تربوية عالية نعلم جميعا مراحلها حتى قبل الإسلام كان عقلاء القوم لا يشربونها وفيها قال قائلهم:
رأيت الخمر صالحة وفيها خصال تفسد الرجل الحليما
فلا والله أشربها صحيحا ولا أشفى بها أبدا سقيما
ولا أعطي بها ثمنا حياتي ولا أدعو لها أبدا نديما
فإن الخمر تفضح شاربيها وتجنيهم بها الأمر العظيما
ورغم هذا فقد اهتم بالتذكير بذلك والأمر به لأن الناس جميعا ليسوا على مستوى واحد من التفكير كما أن فيهم من يغلب هواه على عقله وفطرته
ولأن الشرع وحده هو مناط التكليف
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2005, 07:08 م]ـ
الدكتور: أحمد سعد الخطيب شكرا جزيلاً لك
منذ أن قرأت هذه المقولة وجدت في نفسي شيئاً منها، وبدا لي أن فيها نظراً
ولعل الإمام ابن تيمية يقصد تقرير شيء معين، وإلا فإن القرآن الكريم يذكر الأمور البدهية ليقرر بها أموراً أخرى وقع فيها نزاع، أو أنكرها طوائف من الناس.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 Mar 2005, 08:10 م]ـ
السلام عليكم
لقد قلبت النص في مصدره فوجدت أن المرحوم إبن تيمية قد شرح موضوع الآية شرحا وافيا شافيا---وفي قوله ((فالقرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بهذه الأمور البديهية،)) يفهم منه تنزيه النص من أن يقصرمعناه على الأمور البديهية فيه--ففي النص أمور أخرى غير تلك البديهية---وقد يكون للفظة "التعريف" معنى لديه يجعلنا نربأ بأنفسنا عن نقد عبارته
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2005, 09:10 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي جمال
والإمام ابن تيمية جدير بأن نحمل كلامه على أحسن الوجوه، ولا شك أن له مقصداً يريد تقريره ....
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Jun 2006, 06:20 م]ـ
قد يقال: بأن الأمور البدهية التي لا نزاع فيها تذكر للتوصل بها إلى تقرير أمر مختلف فيه.
كتقرير ربوبية الله تعالى، وأنه الخالق المدبر؛ يقصد بذلك إثبات استحقاق الرب الخالق الدبر للعبودية والألوهية التي ينازع فيه المشركون.
والله أعلم
ولعل الأستاذ الدكتور فهد الرومي يدلي برأيه في هذه المسألة؛ فله اهتمام بهذا الموضوع فيما أذكر.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[14 Jun 2006, 01:55 ص]ـ
لعل ما ذكره الدكتور جمال هو المراد من عبارة ابن تيمية رحمه الله؛ إذ لايصح أن نقصر المعنى في (فخرَّ عليهمُ السقفُ مِن فوقهم) أو (ولا طائرٍ يطيرُ بجناحيه) على المعنى البديهي، أن السقف فوقهم، وأن الطائريطير بجناحيه، والقرآن أبلغُ من أن تقصر مثل هذه النصوص على المعنى الذي لايختلف فيه اثنان، وإنما يَتحرَّى فيها المفسرُ المعنى المناسبَ لبلاغة القرآن وإعجازه.
وقد فصَّلتُ هذا كما أشارأخي أبو مجاهد في بحثين مختصرين منشورين هما (البدهيات في القرآن الكريم: دراسة نظرية) و (البدهيات في الحزب الأول: دراسة اسثقرائية).
¥