إن من لا يصبر على الماء لا يرجى منه أن يصبر إذا حمي الوطيس واحمرت الحدق … والذي لا يطيع قائده في الأمر الصغير فلن يطيعه في الأمر الكبير … ومن هنا تلجأ الحركات الجهادية إلى طلب بعض التكليفات للجماهير أمراً أو نهياً لقياس مدى استجابة الجماهير لها ولقياس طاقة وإمكانيات وقدرات تحمل الشعب في الخطوات القادمة كما في الإضرابات وأيام المواجهة والصيام وغيره …
وتحكي الآيات نكوص أكثرية الجند وقعودهم إذ شربوا من النهر … ولا يبقى مع طالوت إلا اقل القليل وينظرون إلى أنفسهم فيستصغرونها أمام جحافل جالوت بعددهم وعُددهم ويقولون " لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده " … فلو تأخر القتال كي نزيد عددنا وعتادنا، فيرد عليهم الذين يظنون انهم ملاقو الله " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " فيذكرونهم بالقانون الرباني بأن النصر ليس بكثرة العدد والعتاد، وإذا أذن الله لفئة بالنصر فإنها تغلب الفئة الكثيرة والله مع الصابرين … إن موازين الدنيا كلها ليست هي التي تحدد المنتصر من المنهزم، ولكن مشيئة الله هي التي تقرر ذلك وبالتالي فلا نصر لمن لم يرد الله نصره ولو كان معه كل القوى العظمى في العالم، ولا هزيمة لمن أراد الله نصره ولو اجتمعت ضده كل القوى الباغية.
وحين يلتقي الجيشان يتوجه المؤمنون إلى الله أن يفرغ عليهم صبراً ويثبت أقدامهم وينصرهم " على القوم الكافرين " فهم لم ينسوا حتى في اشد حالات الهول أنهم يقاتلون لجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الكفار هي السفلى .. إن القضية إذاً ليست إزالة كافر أجنبي عن حكم الأوطان ثم استبداله بكافر وطني … وإنما إزالة نظام الكفر وظلمه ليحكم شرع الله وعدله.
وحين تكون الراية واضحة يستحق الجنود النصر وتحق على أعدائهم الهزيمة بمشيئة الله " فهزموهم بإذن الله " … إنه ما إن يدخل الإيمان ساحة الصراع مع الكفر حتى تحل بالكفر وأهله الهزيمة الماحقة سواء كان ذلك الصراع في حلبة القتال والنزال أو في ميدان العقل والفكر " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " .. ويبرز من بين المجاهدين جندي شاب يقتل قائد الأعداء _ جالوت_ فتتضاعف هزيمة الأعداء وتتأكد ويؤتى الله داود
الملك … ذلك أنه لا يصلح للملك والقيادة إلا من كان جندياً ممتازاً … وإذا أراد الله لعبد التمكين هيأ له أسبابه وجعل له من الآيات والكرامات ما يرسخ مكانته في القلوب ليكون هذا الحدث جسراً ربانياً يعبر به داود لقيادة شعبه .. إن الاثخان في الأعداء، وزعاماتهم بالذات هو السبيل إلى القيادة والنصر … وهو الأمر الذي أخفقنا فيه حتى الآن
بينما نجح فيه الأعداء.
ويأتي التعقيب القرآني " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين " فلولا انه سبحانه يدفع الكافرين بالمؤمنين ويسلطهم عليهم لتمادي الكفار في غيهم وفسادهم … وإذن فلا خوف على العباد والبلاد من مدافعة الكافرين وقتالهم، وإنما الخوف من ترك الكافرين يعيثون فساداً.
... *** ...
جزى الله الكاتب خيراً على هذه الفوائد، ونسأل الله أن يمكن لدينه وجنده في أرض الإسراء قريباً بعزته وتمكينه وفضله.
ـ[سيف الإسلام]ــــــــ[20 Aug 2004, 07:00 ص]ـ
جزانا وجزاكم الله خيراً
اللهم فك أسرنا المسلمين في كل مكان.
ـ[سليمان داود]ــــــــ[20 Aug 2004, 04:33 م]ـ
إن أهم مايلفت النظر في هذه القصة
هو داود
فانه بدون مقدمات؟؟؟؟ يصبح ملكا"
لم يبلغ عنه نبيهم؟؟؟ الذي بلغ عن ملك طالوت
لم يأت بمعجزة سماوية كمعجزة التابوت؟؟؟؟
ولا معجزة ماء النهر؟؟؟؟
فجأة وبدون مقدمات؟؟؟؟ يظهر هذا الفتى (داود) ويقتل جالوت
فيؤتيه الله الملك؟؟؟؟
أين الملك طالوت؟؟؟؟؟ المؤيد بالمعجزات؟؟؟؟
ولماذا استبدل بهذا الفتى؟؟؟ (داود)
تساؤلات محيرة؟؟؟
لكن الجواب بسيط؟؟
لقد كان داود فتى مؤمنا إيمانا قويا ولديه الجرأة في القتال حبا"للشهادة
فاختار قتال جالوت شخصيا" فقتل جالوت وانهار جيش البغي
فكانت مكافأة الله له أن يؤتيه الملك والنبوة ويؤثره على غيره من الناس ومنهم (طالوت)
تساؤل أخير: إذا كان فينا الكثير مثل هذا الفتى؟؟؟؟
من هو الشخص الذي يشبه جالوت ليقتله؟؟؟
هل هو حب الدنيا وكراهة الموت كما ذكر سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
أم شخص؟؟؟ أوأشخاص آخرين
لست أدري؟؟؟؟
ـ[المنهوم]ــــــــ[20 Aug 2004, 06:27 م]ـ
نفع الله بك يا أخ / طارق من فلسطين
وبارك الله فيك
ونصرك وإخوانك على عدوكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Aug 2004, 03:15 م]ـ
كتب الأخ طارق حميدة:
السلام عليكم ورحمة الله
تعليق على مقال طالوت وجالوت.
معذرة لعدم تمكني من إدخال الرد بسبب قلة خبرتي في الإنترنت
بخصوص تساؤلات الأخ سليمان داود
أما أن داود عليه السلام أصبح ملكا نبيا بدون مقدمات،فالتعبير في رأيي غير مناسب، وقد جاء في المقال من وحي الآيات. ويبرز من بين المجاهدين جندي شاب يقتل قائد الأعداء _ جالوت_ فتتضاعف هزيمة الأعداء وتتأكد ويؤتي الله داود" الملك … ذلك أنه لا يصلح للملك والقيادة إلا من كان جندياً ممتازاً … وإذا أراد الله لعبد التمكين هيأ له أسبابه وجعل له من الآيات والكرامات ما يرسخ مكانته في القلوب ليكون هذا الحدث جسراً ربانياً يعبر به داود لقيادة شعبه .. إن الاثخان في الأعداء، وزعاماتهم بالذات هو السبيل إلى "القيادة والنصر.
ثم إن الأسلوب القرآني في القصص لا يركز على كل التفاصيل بل على موضع العبرة، ولذلك لم تركز الآيات على معجزة لداود أو شهادة له من النبي السابق، وهل استلم الملك مباشرة أم بعد سنوات من ملك طالوت،كل ذلك لو علم الله فيه لنا نفعا لذكره، ولكنه سبحانه أورد لنا ما فيه الكفاية،ولا داعي لطلب تفاصيل أخرى قد تدفعنا إلى الأخذ بالإسرائيليات، ويظهر أن دور طالوت كان التمهيد لدور داود عليهما السلام، الأول يحقق النصر والثاني
يقيم الملك والخلافة.
أما حديث الأخ سليمان عما أسماه معجزة ماء النهر، فليس ثم معجزة كما أفهم الآيات، ولا عبرة بما تحفل به كتب التفسير مما لا دليل عليه.
أخوكم: طارق حميدة
[email protected]
¥