والثاني: الموضع الذي قرر فيه أنه علم متكلف وشنع فيه على أصحابه، و هو عند الأية الأربعين من سورة البقرة. قلت: وهذا الموضع الذي أرشدنا إليه شيخنا.
والثالث: عند الآية الثانية والعشرين بعد المئة وهي: وهو أنه ذكر توجيه البقاعي لسبب تكرار الآية بعدما ذكرها في الآية الأربعين وتعقبه الشوكاني في توجيهه، وقال: ليس هذا بشيء. وقال بعدما جر الكلام في نقض ما وجهه البقاعي، مقررا ما قد ذهب إليه عند الأية الأربعين:
(ولله الحكمة البالغة التي لا تبلغها الأفهام ولا تدركها العقول فليس في تكليف هذه المناسبات المتعسفة إلا ما عرفناك به هناك؛ فتذكر).
وبعد هذا الموضع لم يأتي ذكر للبقاعي ولا لتفسيره في فتح القدير، والفضل في حصول هذا الاستقراء يرجع بعد الله سبحانه إلى دسك موسوعة الكتب الإسلامية، مما يفيد بأن الشوكاني على رأيه في الفتح وأنه قد ألغى هذا الاعتبار بالكلية، وهو النظر في مناسبات الآيات القرآنية، وخير موضع يتجلى فيه رأي الشوكاني في هذه المسألة هو صفحات تفسيره < فتح القدير > فالحمد لله وله الفضل والمنة.
بقي أن أبين أنه قد ثبت لدي أن الشوكاني كان يحرر نسخته من البدر ويلحق بها ما تجدد لديه من وفيات بعض الأعيان، أويخبر بإتمام بعض مؤلفاته التي قال عنها حال رقمه للبدر إنها لم تتم، إلى غير ذلك من الفوائد والاستدراكات، مما يفيد بأنه كان على اتصال بهذا الكتاب وأنه لم يكن آخر عهده به وقت انتهائه من تسويده، قال الناقل للنسخة التي وقع عليها الطبع: وكان النقل لهذه النسخة من نسخة بخط القاضي العلامة محمد بن عبدالملك بن حسين الآنسي ذكر فيها أنه نقل تلك النسخة من مسودة التصنيف التي بخط المؤلف رحمه الله وفيها ملحقات وزوائد في الهوامش والسواقط بخط المؤلف ولذا تجد في بعض المواضع ما تأريخه متأخر عن تأريخ تمام الكتاب) والغرض من إيراد هذا الكلام أن القاضي الشوكاني ما دام أنه كان يعنى بهذا الكتاب ويحرر تراجمه فيما بعد التصنيف فلماذا لم يضرب على ما قد قرره في ترجمة البقاعي أو يستدرك عليه، والجواب عنه من وجهين:
الأول: أن مراجعة القاضي رحمه الله كانت لتراجم الأحياء ممن جد في أمرهم شيئ يحسن تسجيله أما من انتهى وطوى عليهم الزمان كشحه فأنه يسجل في تراجمهم ما كان بصورة نهائية وهذا الذي يظهر.
الثاني: أنه لا يلزم نفسه رحمه الله التنبيه على ما قد سبق منه، خاصة إذا كان أشار إليه إشارة سريعة ثم يبسط القول بخلافه في موضع آخر مما يفهم منه الناظر أي القولين أحظى عند المصنف كما في هذه المسألة، وهذا له نظائر كثيرة في مؤلفات هذا الإمام يعرفها من كان له عناية بكتبه. وفي الختام:
أسأل الله أن يتقبل منا صالح الأعمال وأن يجعل المساعي فيما يرضيه عنا، وأن يأخذ بيد شيخنا في المضايق ويكشف له وجوه الحقائق. والله الموفق.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Dec 2009, 10:09 م]ـ
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله [ت: 1421هـ] هذا السؤال:
تعلمون حفظكم الله أن الإجازة الصيفية قادمة، فحبذا لو دللتمونا على بعض كتب التفسير تنصحونا بقراءتها، وتكون خالية من الإسرائيليات والموضوعات، وما تعليقكم على تفسير الجلالين من حيث الإسرائيليات جزاكم الله خيراً؟
فأجاب: أنا أرى أن من خير التفاسير تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله على ما فيه من بعض الآيات التي يختصر فيها إختصاراً مخلاً، أو ربما يطويها ولا يتكلم عليها لكن هذا قليل، إنما فيه فوائد ما تكاد تجدها في غيره، فهو صالح لطالب العلم، والنقص الذي فيه يمكن للإنسان أن يتلافاه بمراجعة تفسير ابن كثير أو غيره كـ فتح القدير للشوكاني، وإن كان فيه ما فيه لكنه طيب.
والذي يصلح للعوام تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي؛ لأنه ليس فيه إسرائيليات، ولا أسانيد ولا شيء يشوش عليهم.
¥